-- سيد لوركان...قد يكون ما تقوله صحيحا و لكنه لا
ينطبق علينا نحن الافارقة. أنت تسافر لأنك تستطيع فعل ذلك.
-- و ما يمنعك من فعل ذلك؟
-- الإمكانيات سيدي. أنا قبل أن أسافر علي بتوفير المسكن
و الماكل و الملبس و المدرسة و الرعاية الطبية .
-- و هل منعتك من فعل ذلك؟ انا أسافر رغبة مني في مشاهدة و معرفة
العالم
-- و أنا ليست لدي هذه الرغبة ..أنا مضطر للسفر و مرغم
عليه. أنا أسافر من أجل تحقيق تلك الأشياء ..المسكن و االمأكل و الملبس و الدراسة
و الصحة و غيرها.
--هذه اولوياتك و انا لم أتدخل في تحديدها بالنسبة لك.
هذه متوفرة في إيرلندا للجميع و هي حق من حقوقهم...نحن لسنا مسؤولين عن أولوياتكم
في إفريقيا.
-- لا أتفق معك سيدي. انتم من استعمرتم بلداننا و تنعمون
بثرواتنا. قدمتم إلى بلداننا و بقيتم فيها
حتى أخرجناكم بالقوة و الأن تفرضون علينا شروطكم لنسافر الى بلدانكم.
-- أنا إسمي لوركان أودراين. لم تطأ قدماي نيجيريا من
قبل و لست مسؤولا عن منح التأشيرات إلى ايرلندا. بامكانك التأكد من ذلك في سفارة
ايرلندا في لايغوس.
-- أنا لم أقصدك انت بالذات سيدي. نحن نتحدث عن
الحكومات. من ينتخب هذه الحكومات؟ اليست هي الشعوب؟
-- النقاش اخذ بعدا سياسا يا إغابي. انا كجزائري ليس لدي
إمكانيات للسفر حيثما شئت . حكومتي هي السبب. لا دخل لايرلندا في ذلك. حتى لو رغبت
في السفر لن أملك الجرأة على إنفاق اموالي من أجل مشاهدة أثار قديمة. لوركان له
الحق في ان ينفق امواله كيفما شاء.
-- شكرا سيد
حسن. فلنكمل حديثنا حيث توقفنا. كما قلت لك فإن والدي هو من غرس في نفسي حب السفر . لقد كان والد
معلما, صبورا كان غالبا ما يركز على الفرق
بين الذكاء و الحكمة كان يريد مني الذهاب أبعد من المرحلة الثانوية '' يمكنك فعل
ذلك'', هي العبارة التي كان يرددها دائما على مسامعي. '' انت تنتمي إلى عائلة
أودراين, أنت متميز و لديك عقل رائع, تذكر, انت أودراين''.من الطبيعي ان لا أخيب
ظنه. لقد منحني كل الثقة في دراستي فحققت شهادة دكتوراه له و لاحقا حصلت على واحدة
لي.وأنا هنا تنفيذا لرغبته أيضا
-- هل هو على قيد الحياة؟
-- لا..توفي قبل سنتين. و انت؟ ماذا يعمل والدك؟
--اانا لا اعرف عن والدي سوى انه كان مهاجرا في باريس
بفرنسا. لا أتذكر سوى جنازته.
-- كنت صغيرا؟
-- نعم. في الرابعة من عمري. لا يهم ذلك. دعك من أمري و حدثني عن والدك.
-- كان أبي شغوفا بالتاريخ فحبّب إلي هذه المادة. كنت
انتظر حصة التاريخ في المدرسة على أحر من الجمر. وانا الأن أدرس هذا المقياس في
الجامعة. كان والدي يحدثني عن كيفية اتخاذ القرارات و تقييمها. كيف أحُدُّ من
الخسائر و كيف أتحدى الفشل و أمضي قدماً في مشاريعي. كان يحدثني عن الفرق بين أن
أصبح فاشلا و أمسي ناجحا. كيف أتعامل مع خصومي. كان يحدثني عن البذل و الكسب. و
لازلت أستعمل مقولته " استمع إلى قلبك و لا تخنه أبدا و اعلم ان كل الاجوبة
التي سوف تحتاجها هي بداخلك. فقط اجلس لوحدك و استمع الى قلبك فقط ."
-- أنت قلت أن والدك كان فلاحا. من أين له كل هذه المعارف؟
-- نعم ..كان كذلك..لكنه كان يطالع باستمرار. كان لا يضع
كتابا إلا أذا أكمل قراءته. كانت امي غالبا ما توقظه و هو نائم على كرسيه الهزاز
أمام الموقد و في يده كتاب .
-- هل درس من قبل؟
-- نعم...درس المرحلة الثانوية فقط ...لكنه قرأ الكتب وسافر كثيرا و
تعلم من سفره الشيء الكثير.
-- مثلا؟
-- كنت طالبا في الثانوية و كثيرا ما عانيت من التنمر.
كان الجميع يسخر مني لأن والدي فلاح. كان في الثانوية خمسة شبان يقومون بسرقة
أغراضي اثناء فترة الراحة و حين تكلمت معهم انتظروني خارج المدرسة و اعتدوا علي
فمزقوا قميصي. عدت الى البيت منتفخ الشفتين أزرق الخدين. سألني والدي عن سبب ذلك
فأخبرته أني سقطت في حصة الرياضة. '' أولاد أودراين لا يكذبون. من فعل هذا؟ بك؟ أخبرته
بحكايتي مع التنمر التي دامت لسبعة أشهر.
-- طبعا ذهب معك للمدرسة.
-- كلا...لم يفعل. طلب مني الجلوس امامه وقال لي ''زرت
القوقاز جنوب روسيا ذات عام. بقيت هناك شهرا. تعلمت منهم شيئا واحدا. كانوا دائما يرددون مقولة شهيرة .'' البطولة هي قدرة التحمل لحظة اضافية واحدة. هم قوم مصارعون و يتدربون على
المصارعة منذ الصغر. لكي تغلب مافسك هناك يجب ان تسقطه أرضا. يجب أن تنقض على
قدميه و تشل حركته حتى يتعب. لا تستسلم ولو ضربك. تحمل و لا تتركه حتى يستسلم''.
-- و هل فعلت ذلك؟
-- نعم. من حسن حظي اني كنت في عطلة نهاية الاسبوع. سهر
والدي يلقنني فنون المصارعة وزادني نصيحة تعلمها من خدمته في الجيش. اضرب
القائد يسقط الجيش. ابحث عن رئيس العصابة و لقنه درسا.
--
و هل فعلتها؟-- نعم. لم أستطع النوم ليلة الاثنين. انتظرتهم خارج المدرسة و راقبتهم حتى افترقوا. ناديت على زعيمهم. لم امهله و انقضضت على قدميه.رفعته الى الاعلى ثم أسقطته أرضا. قمت بتقييد حركة رجليه و كدت استسلم له لأنه كان قويا جدا لكني تذكرت مقولة القوقازيين.'' تحمل لحظة اضافية واحدة". و فعلا أشبعته ضربا على وجهه حتى نزف. من يومها لم يقترب مني أحد فقد لقنت الزعيم يومها درسا لم ينساه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق