أشعلت السيجارة الثالثة لأدخنها مع كأس الشاي الثالثة و الأخيرة. كانت كل كأس احلى من الأولى. اشتدت برودة الطقس مع مرور الوقت و أصبح الابتعاد عن النار الملتهبة وسطنا يعني الاقتراب من درجة التجمد. احس الايرلندي بلفحات البرد فسألني إن كانت الجلسة ستطول فتوجهت بالسؤال الى حميدة فرد علي بالايجاب. نهض الايرلندي و أحضر معطفا صوفيا لأنه كان يرتدي ملابسا خفيفة ظنا منه ان الصحراء لا تعرف برد أوروبا الشمالية القارس. كان سائقنا حريصا على ان يقطع دابر كل صمت قد يحل علينا فقص علينا مغامراته في الصحراء مع المهربين و اللاجئين الأفارقة و السواح و الزوابع الرملية و الأفاعي و كيف كان يخرج من كل ورطة بفضل فطنته.
-- تعرف يالشيخ...الطريق و الصحراء علموني نتعامل مع الناس و مع الظروف..والله خير من مدرسة..علموني ما نخاف حتى من واحد. نعرف كيفاش نسلك روحي في الباراجات.
-- ياودي بركا ما تخرط على السيد ..بالاك تامنه ياشيخ...أكبر حاجة يخاف مها الباراجات تاع الجدارمية.
-- آش عارف أنت؟ أنت ما كنت معايا نهار تحديت الجدارمية و ما حبيتش نفتح لامال يجبدو الباقاج.
-- قال ليا اللي جا معاك..باسويلم..لامال ما حبت تفتح ماشي انت اللي ما حبيتش.
-- يا ودي والو... باسويلم ما كان معانا. كنا في..
قبل أن يكمل احميدة جملته قدمت ثلاث سيارات رباعية الدفع مسرعة . سيارة عسكرية ذات دفع رباعي و سياراتان للدرك الوطني خضراء اللون و توقفت بالقرب منا. نزل منها رجال الدرك الوطني يحملون رشاشاتهم بأيديهم.
--السلام عليكم
--و عليكم السلام
نهض السائق حميدة فزعا و مد يده لرقيب الدرك الوطني الذي ألقى علينا التحية وقد بدا لي من أول لحظة أنه و اللطف خطان لا يلتقيان.
-- تفضلوا حضرات...ريحوا ديروا فيها تايات ...تدفّاو شوية ...كاين كاوكاو.
-- ما حاجتناش بلا تاي نتاعك.وين هو الشوفور؟
-- انا هو حضرات ...انا هو.
--منين جيت ووين رايح؟ وثائق السيارة نتاعك.
--كاين حضرات...نروح نجيبهوم من السيارة...دقيقة برك.
--سقسيتك منين جيت ووين رايح ؟
-- من عين صالح حضرات...من عين صالح.
-- وين بيها؟
-- تمنراست ...تمنراست حضرات.
-- و علاش حبستوا هنا؟روح جيب الوثائق تاعك...اسرع. وانتم؟ ما زالكم قاعدين..أوقف يالله...لا قدر لا ر*****.
وقف العربي صاحب حميدة ثم تبعه الافريقيان ثم تبعتهم انا ثم الايرلندي.
-- الوثائق تاعكم.
اسرع العربي لتقديم وثيقته قبل أن يصل حميدة ويقدم وثائقه هو أيضا. قلب الدركي الوثائق وأعادها لأصحابها. ثم استدار نحو الافريقيين و كانه يعرفهما.
-- passeport
--voilà mon patron
-- toi le nigerian,ton visa a expiré. ton séjour est irregulier.
-- I speak English Sir.no French Sir
-- English? no English
توجه الدركي بغضب الى المالي أبو بكر و طلب منه ان يترجم ما قاله لإيغابي. أعتذر المالي بأدب متحججا بانه من توارق مالي و أنه لا يعرف سوى الترقية و بعض الفرنسية.
ازداد غضب الدركي و بدا وكأنه فهم من ان المهاجران الافريقيان لا يريدان التعاون معه. استدار نحوي قائلا
-- سنرى..سنرى...و انت؟ وثائقك.
سلمته بطاقة تعريفي فنظر اليها بتمعن
--بوفلغة حسان من جيجل
-- بوفليغة احسن ماشي بوفلغة حسان.
-- كيف كيف. من الطاهير ..جيجل. بلاد الارهابيين.
--مانيش ارهابي ما تغلطش وماشي كامل ارهابيين.
-- ما تنعتليش واش نقول. هذوك الطليان اللي ذبحتوربهم ياك في جيجل طلعتوا ليهم للبابور وذبحتوهم.
--اللي طلعوا ليهم عشرين ماشي 400 الف جيجلي...قلت لك ما تجملش.
--تبان لي انت فاهم. على بالك راك في عين امقل ...ماراكش بعيد على المعتقل.
-- ما نعرفوش بصح يظهر لي رانا مع بعض..يعني حتى انت ما راكش بعيد.
-- واش تخدم يالفاهم.
-- اسمي احسن ...نخدم استاذ.
-- معلم. وين تخدم يا معلم؟
-- أستاذ في الثانوي. في عين صالح.
--واش تقري لوليدات في عين صالح.
-- اللي قريتهم راهم يخدموا كيما انت...ما راهمش وليدات...المهم نقري اللغة الانجليزية.
-- اللونجلي ...و علاش ما هدرتش كي كنت حاصل مع النيجيري؟
-- لو كان هدرت لو كان قلت لي واش دخلك.
أعاد لي البطاقة ثم توجه نحو الايرلندي الذي بدا غير مكترث بالوضعية الجديدة. طلب منه الدركي ان يميط لثامه عن وجهه ففهم و أظهر وجهه واخرج جواز سفره. ساله الدركي عن وجهته و سبب سفره لوحده مستعملا الفرنسية. فأجابه بلغته الانجليزية بأنه لا يفهم سواها.نظر إلي الدركي و كأنه يطلب مني ترجمة ما قاله للدركي.
-- هذا طلب والا أمر؟
-- قلت لربك ترجمله واش قلت.
-- ما نيش خدام عندك باش تكفر علي . والله ما ترجمت كلمة.
-- والله تبات هنا و ما تحركت السيارة حتى تترجم واش قلت.
-- والله ما ترجمت كلمة لو كان نقعد هنا عام.
-- يالشيخ ..الله يرحم الوالدين..آش خاسركي تترجم زوج كلمات.
-- والله ما ترجمت كلمة حتى يتكلم بأدب.
هنا أقبل من عرفت فيما بعد انه قائدهم بعد ارتفاع أصواتنا. تقدمت نحوه و شرحت له الموقف.
-- ما تقلقش يا شيخ..هذا جديد هنا و يتسرع بزاف...انا من ميلة و انت من جيجل..من جهة واحدة. عاونا برك يالشيخ...الحالة ما تعجبش و هذه منطقة عسكرية تقريبا...السيد هذا من ايرلندا جاي وحده..حبينا نتأكدوا واش راه يديرهنا في عين مقل بالضبط.
لم أقتنع بما قال فأعدت له موقفي من سلوك الدركي معنا ورفضت التعاون حتى يعتذر. لم تمض لحظات حتى قدم الدركي العنابي إلي معتذرا مني متحججا بظروف العمل القاسية و أنه لم يزر عائلته منذ أشهر و أن خاله الشرطي قتله الارهاب.
حُلّ الإشكال بعد أن تدخل حميدة و أقسم علينا أن نجلس و نشرب شايه مجددا. لم يتردد في إحضار الحطب و أشعله معلنا بداية السهرة من جديد. جلسنا و العساكر و رجال الدرك حول النارالتي ارتفعت ألسنة لهبها. حميدة تحمس للجلسة فجلب كيسا ثانيا من الفول السوداني. اما صاحبنا الدركي العنابي فأطبق صامتا و لم يرفع رأسه منذ اكثر من نصف ساعة.
-- تعرف يالشيخ...الطريق و الصحراء علموني نتعامل مع الناس و مع الظروف..والله خير من مدرسة..علموني ما نخاف حتى من واحد. نعرف كيفاش نسلك روحي في الباراجات.
-- ياودي بركا ما تخرط على السيد ..بالاك تامنه ياشيخ...أكبر حاجة يخاف مها الباراجات تاع الجدارمية.
-- آش عارف أنت؟ أنت ما كنت معايا نهار تحديت الجدارمية و ما حبيتش نفتح لامال يجبدو الباقاج.
-- قال ليا اللي جا معاك..باسويلم..لامال ما حبت تفتح ماشي انت اللي ما حبيتش.
-- يا ودي والو... باسويلم ما كان معانا. كنا في..
قبل أن يكمل احميدة جملته قدمت ثلاث سيارات رباعية الدفع مسرعة . سيارة عسكرية ذات دفع رباعي و سياراتان للدرك الوطني خضراء اللون و توقفت بالقرب منا. نزل منها رجال الدرك الوطني يحملون رشاشاتهم بأيديهم.
--السلام عليكم
--و عليكم السلام
نهض السائق حميدة فزعا و مد يده لرقيب الدرك الوطني الذي ألقى علينا التحية وقد بدا لي من أول لحظة أنه و اللطف خطان لا يلتقيان.
-- تفضلوا حضرات...ريحوا ديروا فيها تايات ...تدفّاو شوية ...كاين كاوكاو.
-- ما حاجتناش بلا تاي نتاعك.وين هو الشوفور؟
-- انا هو حضرات ...انا هو.
--منين جيت ووين رايح؟ وثائق السيارة نتاعك.
--كاين حضرات...نروح نجيبهوم من السيارة...دقيقة برك.
--سقسيتك منين جيت ووين رايح ؟
-- من عين صالح حضرات...من عين صالح.
-- وين بيها؟
-- تمنراست ...تمنراست حضرات.
-- و علاش حبستوا هنا؟روح جيب الوثائق تاعك...اسرع. وانتم؟ ما زالكم قاعدين..أوقف يالله...لا قدر لا ر*****.
وقف العربي صاحب حميدة ثم تبعه الافريقيان ثم تبعتهم انا ثم الايرلندي.
-- الوثائق تاعكم.
اسرع العربي لتقديم وثيقته قبل أن يصل حميدة ويقدم وثائقه هو أيضا. قلب الدركي الوثائق وأعادها لأصحابها. ثم استدار نحو الافريقيين و كانه يعرفهما.
-- passeport
--voilà mon patron
-- toi le nigerian,ton visa a expiré. ton séjour est irregulier.
-- I speak English Sir.no French Sir
-- English? no English
توجه الدركي بغضب الى المالي أبو بكر و طلب منه ان يترجم ما قاله لإيغابي. أعتذر المالي بأدب متحججا بانه من توارق مالي و أنه لا يعرف سوى الترقية و بعض الفرنسية.
ازداد غضب الدركي و بدا وكأنه فهم من ان المهاجران الافريقيان لا يريدان التعاون معه. استدار نحوي قائلا
-- سنرى..سنرى...و انت؟ وثائقك.
سلمته بطاقة تعريفي فنظر اليها بتمعن
--بوفلغة حسان من جيجل
-- بوفليغة احسن ماشي بوفلغة حسان.
-- كيف كيف. من الطاهير ..جيجل. بلاد الارهابيين.
--مانيش ارهابي ما تغلطش وماشي كامل ارهابيين.
-- ما تنعتليش واش نقول. هذوك الطليان اللي ذبحتوربهم ياك في جيجل طلعتوا ليهم للبابور وذبحتوهم.
--اللي طلعوا ليهم عشرين ماشي 400 الف جيجلي...قلت لك ما تجملش.
--تبان لي انت فاهم. على بالك راك في عين امقل ...ماراكش بعيد على المعتقل.
-- ما نعرفوش بصح يظهر لي رانا مع بعض..يعني حتى انت ما راكش بعيد.
-- واش تخدم يالفاهم.
-- اسمي احسن ...نخدم استاذ.
-- معلم. وين تخدم يا معلم؟
-- أستاذ في الثانوي. في عين صالح.
--واش تقري لوليدات في عين صالح.
-- اللي قريتهم راهم يخدموا كيما انت...ما راهمش وليدات...المهم نقري اللغة الانجليزية.
-- اللونجلي ...و علاش ما هدرتش كي كنت حاصل مع النيجيري؟
-- لو كان هدرت لو كان قلت لي واش دخلك.
أعاد لي البطاقة ثم توجه نحو الايرلندي الذي بدا غير مكترث بالوضعية الجديدة. طلب منه الدركي ان يميط لثامه عن وجهه ففهم و أظهر وجهه واخرج جواز سفره. ساله الدركي عن وجهته و سبب سفره لوحده مستعملا الفرنسية. فأجابه بلغته الانجليزية بأنه لا يفهم سواها.نظر إلي الدركي و كأنه يطلب مني ترجمة ما قاله للدركي.
-- هذا طلب والا أمر؟
-- قلت لربك ترجمله واش قلت.
-- ما نيش خدام عندك باش تكفر علي . والله ما ترجمت كلمة.
-- والله تبات هنا و ما تحركت السيارة حتى تترجم واش قلت.
-- والله ما ترجمت كلمة لو كان نقعد هنا عام.
-- يالشيخ ..الله يرحم الوالدين..آش خاسركي تترجم زوج كلمات.
-- والله ما ترجمت كلمة حتى يتكلم بأدب.
هنا أقبل من عرفت فيما بعد انه قائدهم بعد ارتفاع أصواتنا. تقدمت نحوه و شرحت له الموقف.
-- ما تقلقش يا شيخ..هذا جديد هنا و يتسرع بزاف...انا من ميلة و انت من جيجل..من جهة واحدة. عاونا برك يالشيخ...الحالة ما تعجبش و هذه منطقة عسكرية تقريبا...السيد هذا من ايرلندا جاي وحده..حبينا نتأكدوا واش راه يديرهنا في عين مقل بالضبط.
لم أقتنع بما قال فأعدت له موقفي من سلوك الدركي معنا ورفضت التعاون حتى يعتذر. لم تمض لحظات حتى قدم الدركي العنابي إلي معتذرا مني متحججا بظروف العمل القاسية و أنه لم يزر عائلته منذ أشهر و أن خاله الشرطي قتله الارهاب.
حُلّ الإشكال بعد أن تدخل حميدة و أقسم علينا أن نجلس و نشرب شايه مجددا. لم يتردد في إحضار الحطب و أشعله معلنا بداية السهرة من جديد. جلسنا و العساكر و رجال الدرك حول النارالتي ارتفعت ألسنة لهبها. حميدة تحمس للجلسة فجلب كيسا ثانيا من الفول السوداني. اما صاحبنا الدركي العنابي فأطبق صامتا و لم يرفع رأسه منذ اكثر من نصف ساعة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق