أكمل احميدة صب الشاي و أعاد ملء إبريق الشاي بالماء ووضعه فوق الجمر بعد ان حركه فأحمر من جديد. اسرعت في شرب الكأس الأولى في انتظارالكأس الثانية الأحلى و الأفضل لأنها أقل تركيزا.
-- قل له يا مستر حسن أن شايكم أحلى من الشاي الذي نشربه في إيرلندا بعد الظهر.
--يا احميدة , شايك أجود من شاي ليبتن حسب هذا الايرلندي.
--قل له أن ينتظر حتى يشرب الثاني...والله يحبس نتاع الساشيات نهائيا.
--كم كأسا تحضرون؟
-- حسب علمي ثلاثة. الكأس الاخيرة تكون أقل تركيزا و تمنح غالبا للصغار. يا حميدة ياخي كاينة منها تطيبوا ثلاث كيسان؟
-- إيه ...صح...الثالثة تكون خفيفة..توالم العيّل - يقصد الصغار-
-- قبل ان يصب الكأس الثالثة و قبل أن نكمل الثانية أخرج لنا احميدة كيسا من الفول السوداني ووزع على كل واحد من نصيبه.
انشغل كل واحد منا بغنيمة السهرة. انتبهت الى الصمت الرهيب الذي كاد أن يعم قعدتنا لولا صوت تفريك الفول السوداني. كنت سابادر يسؤال حميدة لكنه سبقني قائلا.
-- شحال ناوي تريح هنا في الصحراء ياشيخ؟
--أنت تعرف يا احميدة المقولة '' الجزائري مسافر رغما عنه''...انا أقول الانسان مسافر رغما عنه. يسافر على خاطر مجبر على السفر . أنا من هؤلاء. كنت ناوي نروح لفرنسا بعدما كملت قرايتي في الجامعة لكن المكتوب بعثني هنا.
-- واش من مكتوب ياشيخ...رحت لفرنسا مرتين و ما بغيت تبقى.
-- كنت وقتها ما زالني طالب جامعي ..قلت نكمل و نروح.
--في اكتوبر 1992 بعثت ملف لجامعة في باريس..كنت ضمنت سكن في باريس عطاهلي عمي رابح -الله يرحمه- كي رحت لعنابة نجيب الفيزا رفضوا إعطائي الفيزا. رجعت للدار خايب. بقيت بلا خدمة جيت لعين صالح.
-- و علاش عين صالح؟
-- كنت نعرفها من قبل. جيت ليها في 1991 في عطلة الشتاء..وقتها ما كان فيها لا سخانة لا زوابع رملية.
-- يعني لو كان جيت في الصيف ما تزيدش ترجع؟
--الله اعلم عندي عامين من اللي جيت هنا عديت الصيف و الخريف و الشتاء و الربيع و راني راجع ان شاء الله.
-- تقدر تقول والفت؟
-- و تقدر تقول بالذرع...أنا شاك سمروني هنا ياحميدة
--شكون يسمرك يالشيخ...واحد ما يدنى ليك.
-- تعرف النهار الاول اللي جيت هنا لعين صالح واش صرالي ؟
-- غير الخير؟
-- هذاك النهار وصلت على ال12 فالطيارة.. كان خويا كوميسار هنا. فالعشية صرات حكاية.. بوليسي نسى المسدس نتاعو في مطعم. نساه كي دخل للمرحاض حاشاك..كي تفكروا رجع ما لقاهش. واحد دخل و هز المسدس.
-- سمعت بيها الحكاية هذه.
-- كان خويا اعطى فرصة للشرطي باش يجيب المسدس..اعطاه سيارة و بعثوا مع واحد شرطي من فقارة الزوى
--و علاش...اللي خذا المسدس من فقارة الزوى؟
-- لا ..انا رحت معهم حواس.. قاولوا كاينة عجوزة ترقية تضرب الرمل و تقدر تقولهم شكون خذا المسدس.
--نسمع بيها العجوزة ..خالتي مباركة يقولوا ليها. أيوه؟
-- خرجت لينا. قال لها الشيفور كاينة حاجة ضاعت للسيد ...ماذا بيك تقولينا وين راهي و عند من؟
-- مباشرة يا حميدة..قالت واحد الكلام و بدات تلعب بالرمل.. قالت له هذه حاجة كحلة و فيها حاجة صفراء من داخل.
-- مسدس اكحل و رصاصة صفراء
-- صح..قالت له من بعد يومين يعيطو لك تروح تجيبها. من بعد يومين اتصل واحد بالشرطة و قالهم على المكان. وجابو المسدس.
-- راني خايف تكون دارتلي كاش حاجة باش رجعت لعين صالح.
-- والو ما تخاف يا شيخ.. هنا الأمن و الأمان و الحمد لله...والله يالشيخ الناس ترانكيل هنا و خاطيهم المشاكل..حتى المحامين اللي فتحوا مكاتب هنا غلقوها بعد شهر شهرين. الناس خاطيها المشاكل.
-- قل لي يا احميدة..وهذا السوداني واش بيه ساكت؟ واش حكايته؟
--هذا مسكين من مالي ما يحك ما يصك. طالع هابط للشمال...هو من توارق الازواد اللي في الشمال تاع مالي.
استدار حميدة نحو ابو بكر مالي و أخبره اننا نتحدث عنه و عن سر صمته الدائم. ابتسم المسكين ابتسامة تنم عن خجل شديد و أعطى الإذن لحميدة ليحدثنا عن قصته وسبب سفره الدائم.
-- هو من منطقة صحراوية شمال مالي..مساكين داير فيهم الجفاف حالة ..حكالي مرة وحد العام وصلت بيهم المجاعة يحفروا الغيران تاع النمل و جبدوا حبات القمح اللي فيها. كانوا يتحركوا فالصحراء باش يرعاوا الغلم و البل تاعهم.
--و علاش ما يريحوش فبلاصة واحدة؟
-- ما يقدوا ..كي يخلاص العلف لازم ليهم يتحركوا..حتى جات حركة الازواد و بدات تخلط فالحالة.
-- كانوا عايشين من التهريب من الجزائر..حليب اللحظة يوصلهم للدار..كي شعلت الحالة الجزائر زيرت عليهم الحدود و قفلت عليهم.
-- علاش ما يهبطوش لجنوب مالي؟تبان لي الحالة خير من الشمال.
-- ما يقدروا يالشيخ..العنصرية دايرة حالة.ما يقبلوا بيهم.
--و علاش رايح جاي للجزاير؟
-- هذا مسكين...تصور يطلع حتى لعندكم لجيجل. يروح للميناء و يخدم أيامات حمال ..يجيب الحبال ولا السّبت ..عارف ليهم ياك؟
-- اللي يربطوا بيهم السلعة...تلقاها مبسطة بيضاء و خط احمر ولا ازرق في وسطها.
-- إيّه..هذيك هي ..يجمعها ويجيبها معاه باطل على خاطر واحد ما يحتاجها... يديها حتى لآنفيس..القرية منين رجع يسكن..يخدموا بيها زرابة و لا فراشات و يبيعوها في باماكو.
-- هذي كامل على جال السبت هذو؟
-- إيه يالشيخ. هذا مسكين المدينة اللي ينزل فيها يحوس وين يخبي السبت و من بعد يبدا يخدم أي حاجة ...المرة هاذي رجع مرعوب من جيجل.
-- علاش...واش شاف.
-- سمعت بهذوك البحارة الطليان اللي ذبحوهم في ميناء جنيجن.
-- جنجن يا حميدة...ميناء جنجن..و هو واش دخلوا؟
--زهروا ادّاه هذيك الليلة للميناء يخدم.. شكوا فيه... هزوا العسكر و شبع فيه ضرب و قالوا له ما تزيدش تدور هنا.
-- على بيها مسكين من اللي طلع و هو ساكت ويخمم.
-- كيما قلت من قبيل يا الشيخ.. الانسان مسافر رغما عنه.
-- قل له يا مستر حسن أن شايكم أحلى من الشاي الذي نشربه في إيرلندا بعد الظهر.
--يا احميدة , شايك أجود من شاي ليبتن حسب هذا الايرلندي.
--قل له أن ينتظر حتى يشرب الثاني...والله يحبس نتاع الساشيات نهائيا.
--كم كأسا تحضرون؟
-- حسب علمي ثلاثة. الكأس الاخيرة تكون أقل تركيزا و تمنح غالبا للصغار. يا حميدة ياخي كاينة منها تطيبوا ثلاث كيسان؟
-- إيه ...صح...الثالثة تكون خفيفة..توالم العيّل - يقصد الصغار-
-- قبل ان يصب الكأس الثالثة و قبل أن نكمل الثانية أخرج لنا احميدة كيسا من الفول السوداني ووزع على كل واحد من نصيبه.
انشغل كل واحد منا بغنيمة السهرة. انتبهت الى الصمت الرهيب الذي كاد أن يعم قعدتنا لولا صوت تفريك الفول السوداني. كنت سابادر يسؤال حميدة لكنه سبقني قائلا.
-- شحال ناوي تريح هنا في الصحراء ياشيخ؟
--أنت تعرف يا احميدة المقولة '' الجزائري مسافر رغما عنه''...انا أقول الانسان مسافر رغما عنه. يسافر على خاطر مجبر على السفر . أنا من هؤلاء. كنت ناوي نروح لفرنسا بعدما كملت قرايتي في الجامعة لكن المكتوب بعثني هنا.
-- واش من مكتوب ياشيخ...رحت لفرنسا مرتين و ما بغيت تبقى.
-- كنت وقتها ما زالني طالب جامعي ..قلت نكمل و نروح.
--في اكتوبر 1992 بعثت ملف لجامعة في باريس..كنت ضمنت سكن في باريس عطاهلي عمي رابح -الله يرحمه- كي رحت لعنابة نجيب الفيزا رفضوا إعطائي الفيزا. رجعت للدار خايب. بقيت بلا خدمة جيت لعين صالح.
-- و علاش عين صالح؟
-- كنت نعرفها من قبل. جيت ليها في 1991 في عطلة الشتاء..وقتها ما كان فيها لا سخانة لا زوابع رملية.
-- يعني لو كان جيت في الصيف ما تزيدش ترجع؟
--الله اعلم عندي عامين من اللي جيت هنا عديت الصيف و الخريف و الشتاء و الربيع و راني راجع ان شاء الله.
-- تقدر تقول والفت؟
-- و تقدر تقول بالذرع...أنا شاك سمروني هنا ياحميدة
--شكون يسمرك يالشيخ...واحد ما يدنى ليك.
-- تعرف النهار الاول اللي جيت هنا لعين صالح واش صرالي ؟
-- غير الخير؟
-- هذاك النهار وصلت على ال12 فالطيارة.. كان خويا كوميسار هنا. فالعشية صرات حكاية.. بوليسي نسى المسدس نتاعو في مطعم. نساه كي دخل للمرحاض حاشاك..كي تفكروا رجع ما لقاهش. واحد دخل و هز المسدس.
-- سمعت بيها الحكاية هذه.
-- كان خويا اعطى فرصة للشرطي باش يجيب المسدس..اعطاه سيارة و بعثوا مع واحد شرطي من فقارة الزوى
--و علاش...اللي خذا المسدس من فقارة الزوى؟
-- لا ..انا رحت معهم حواس.. قاولوا كاينة عجوزة ترقية تضرب الرمل و تقدر تقولهم شكون خذا المسدس.
--نسمع بيها العجوزة ..خالتي مباركة يقولوا ليها. أيوه؟
-- خرجت لينا. قال لها الشيفور كاينة حاجة ضاعت للسيد ...ماذا بيك تقولينا وين راهي و عند من؟
-- مباشرة يا حميدة..قالت واحد الكلام و بدات تلعب بالرمل.. قالت له هذه حاجة كحلة و فيها حاجة صفراء من داخل.
-- مسدس اكحل و رصاصة صفراء
-- صح..قالت له من بعد يومين يعيطو لك تروح تجيبها. من بعد يومين اتصل واحد بالشرطة و قالهم على المكان. وجابو المسدس.
-- راني خايف تكون دارتلي كاش حاجة باش رجعت لعين صالح.
-- والو ما تخاف يا شيخ.. هنا الأمن و الأمان و الحمد لله...والله يالشيخ الناس ترانكيل هنا و خاطيهم المشاكل..حتى المحامين اللي فتحوا مكاتب هنا غلقوها بعد شهر شهرين. الناس خاطيها المشاكل.
-- قل لي يا احميدة..وهذا السوداني واش بيه ساكت؟ واش حكايته؟
--هذا مسكين من مالي ما يحك ما يصك. طالع هابط للشمال...هو من توارق الازواد اللي في الشمال تاع مالي.
استدار حميدة نحو ابو بكر مالي و أخبره اننا نتحدث عنه و عن سر صمته الدائم. ابتسم المسكين ابتسامة تنم عن خجل شديد و أعطى الإذن لحميدة ليحدثنا عن قصته وسبب سفره الدائم.
-- هو من منطقة صحراوية شمال مالي..مساكين داير فيهم الجفاف حالة ..حكالي مرة وحد العام وصلت بيهم المجاعة يحفروا الغيران تاع النمل و جبدوا حبات القمح اللي فيها. كانوا يتحركوا فالصحراء باش يرعاوا الغلم و البل تاعهم.
--و علاش ما يريحوش فبلاصة واحدة؟
-- ما يقدوا ..كي يخلاص العلف لازم ليهم يتحركوا..حتى جات حركة الازواد و بدات تخلط فالحالة.
-- كانوا عايشين من التهريب من الجزائر..حليب اللحظة يوصلهم للدار..كي شعلت الحالة الجزائر زيرت عليهم الحدود و قفلت عليهم.
-- علاش ما يهبطوش لجنوب مالي؟تبان لي الحالة خير من الشمال.
-- ما يقدروا يالشيخ..العنصرية دايرة حالة.ما يقبلوا بيهم.
--و علاش رايح جاي للجزاير؟
-- هذا مسكين...تصور يطلع حتى لعندكم لجيجل. يروح للميناء و يخدم أيامات حمال ..يجيب الحبال ولا السّبت ..عارف ليهم ياك؟
-- اللي يربطوا بيهم السلعة...تلقاها مبسطة بيضاء و خط احمر ولا ازرق في وسطها.
-- إيّه..هذيك هي ..يجمعها ويجيبها معاه باطل على خاطر واحد ما يحتاجها... يديها حتى لآنفيس..القرية منين رجع يسكن..يخدموا بيها زرابة و لا فراشات و يبيعوها في باماكو.
-- هذي كامل على جال السبت هذو؟
-- إيه يالشيخ. هذا مسكين المدينة اللي ينزل فيها يحوس وين يخبي السبت و من بعد يبدا يخدم أي حاجة ...المرة هاذي رجع مرعوب من جيجل.
-- علاش...واش شاف.
-- سمعت بهذوك البحارة الطليان اللي ذبحوهم في ميناء جنيجن.
-- جنجن يا حميدة...ميناء جنجن..و هو واش دخلوا؟
--زهروا ادّاه هذيك الليلة للميناء يخدم.. شكوا فيه... هزوا العسكر و شبع فيه ضرب و قالوا له ما تزيدش تدور هنا.
-- على بيها مسكين من اللي طلع و هو ساكت ويخمم.
-- كيما قلت من قبيل يا الشيخ.. الانسان مسافر رغما عنه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق