الجمعة، 30 مايو 2014

البكالوريا في دورة المياه


    اجتماع أمس الخميس بمتقن دخلي المختار أعاذ تذكيري بأن بيني و بين العطلة الصيفية بون شاسع و انه يجب علي ان أنتظر
طويلا قبل أن أستمتع بها. الاجتماع لم يدم طويلا لأن رئيس مركز اجراء امتحان البكالوريا خريج حزب الادارة و مر على مدرسة الافلان. الرجل لم يتحدث طويلا فالحضور من الأساتذة المدرسين أغلبهم ذوي أقدمية و يعرفون أجواء الامتحان. أخبرنا هذا المدير ان لا شيء تغير سوى رخصة الخروج الى دورة المياه أو العيادة التي كان يستغلها أغلبية المترشحين في الغش.
    عدت الى المنزل و انا العن اليوم الذي انخرطت فيه في سلك التعليم بعد أن وصل الأمر بهذه الدولة الى التفكير في كيفية قضاء التلاميذ حوائجهم عوض معالجة الأمر من جذوره . فالتلاميذ  ضحايا منظومة تربوية  قضت على قيم العمل و بذل الجهد للحصول على المقابل فساوت بين من يعمل و لا يعمل . و قد لاحظت خلال السنوات التي مرت كيف يتساوى التلاميذ المجتهدون و الكسالى أمام آلية الانتقال الى الصف الاعلى. فالحاصل على معدل 10 من 20 في آخر السنة سيجد نفسه جالسا مع صاحب معدل 18 من 20.        اشتريت جريدة الخبر و دخلت مقهى كنيوة بأولاد سويسي حيث اعتدت تناول قهوتي بينما أطالع جريدتي المفضلة.  أول ما جلب نظري عنوان كتب بالبنط العريض عن تقديم موعد الدخول المدرسي الى 31 أوت . توجهت مباشرة الى الصفحة التي وردت فيها بقية الخبر لمعرفة تفاصيله فلعنت كاتبه و ناشره لأن الأمر ليس سوى مقترحات تدرسها وزيرة التربية بنت الغبريط و التي تحاول ان تمحو آثار سابقيها من الوزراء
      " كلما جاءت أمة لعنت أختها".  الوزيرة كانت عضوا بارزا في لجنة بن زاغوا التي أدخلت على المنظومة التربوية اصلاحات جذرية أفضت الى ما نحن عليه الآن من ضعف صارخ في مستوى التلاميذ و نتائجهم. الاصلاحات فشلت و ستفشل لأن الغرض منها لم يكن بريئا 100 بالمئة بل كان يدخل ضمن مخطط فرضه الواقع الجديد بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 و توجه الدول القوية الى سياسة تجفيف منابع الاسلام .أما الدليل فهو الغاء شعبة الآداب و العلوم الشرعية و تتغيير شامل في محتوى مادة العلوم الاسلامية التي أصبحت لا تختلف كثيرا عن دروس التربية المدنية و السياسية و ابقاء سيطرة اللغة الفرنسية و فرضها فرضا.
         عدت الى البيت و أنا اتذكر تعليمات الوزارة و الحاحها على ضرورة تقييد حركة التلاميذ في الخروج الى دورة المياه بفرض رخصة . تذكرت  أيضا  النقاش الذي دار في الاجتماع حول هذا الموضوع وسؤال أحد الاساتذة المساكين "كيف يمكننا معرفة درجة الضرورة القصوى يا سيادة المدير؟"  ورد المدير عليه بالقول "تتمعن جيدا و تأكد إن كان التلميذ المترشح يريد الخروج لدورة المياه لضرورة قصوى". قلت في نفسي "لماذا لم يجتهد السيد ريختر و يخترع لنا سلما للضرورة القصوى نقيس بها مدى حاجة التلميذ للذهاب لدورة المياه بدلا من هذه الورطة التي وقعت فيها المنظومة  التربوية نتاع بلادنا؟"
 

ليست هناك تعليقات: