الخميس، 18 يوليو 2013

رمضان 2013: اليوم الثامن: القنوات الجزائرية: لامكان لغير العاصميين.

مع انتشار القنوات الفضائية الجزائرية هذا العام استبشر الجزائريون خيرا و ظنوا أن احتكار القناة الجزائرية اليتيمة قد ولى برداءته  المثيرة للغثيان.  اعتقدت كباقي الجزائريين أن الانفتاح الاعلامي الذي فرضه الربيع العربي على النظام سيأتي بالخير الوفير علينا وسيحقق قفزة نوعية في الانتاج الاعلامي. بدات أحلم بقنوات متخصصة في الاخبار و أخرى في الرياضة وهذه في الافلام وتلك في الدراما. ظهرت ''النهار'' و "الشروق"  ثم "الجزائرية" ف"دزاير" ثم''نوميديا" ف"الاطلس". دار الحول على البعض منها فبدت سوءاتها و ظهرت على حقيقتها. جاء رمضان و قلت في نفسي لعل المنافسة ستبلغ ذروتها و ستحاول كل قناة أن تتميز ببرامجها لكنها بدت لي " كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ" . اليوم الثامن من رمضان خصصته لمتابعة برامجها فخرجت بالتالي. 
بطل مسلسل عمارة الحاج لخضر : بدوي أمي يعلم الأطباء أهمية النظافة
     على الشروق TV تابعت مسلسل عمارة الحاج لخضر. لست أدري الغاية من اعادة انتاج مثل هذا المسلسل التافه. و ما شاهدته اليوم جعلني أحلف اليمين على عدم مشاهدته ثانية. توقفت عند مشهد بسيط لأطفال في غاية البراءة يحومون حول أكياس القمامة قرب عمارة لخضر و في أيديهم كراريس و أقلام. يقترب منهم حاج لخضر هذا و بدون تحية و بلغة سوقية غلب عليها الصراخ " واش راكم اديرو بالكراريس قدام الزبالة تاع العمارة تاعي؟" . يجيبه أحدهم بكل أدب أنهم بصدد انجاز بحث مدرسي عن النفايات المنزلية. فما كان من هذا الحاج الخائب سوى تمزيق كراريسهم و طردهم من المكان بل و قام بتهديدهم. فأي رسالة يريد هذا الممثب البائس تمريرها للأطفال؟ و من سمح بتمرير مثل هذه الجرائم على تلك؟ و لماذا التركيز على العاصمة و العاصميين؟
المنشط كمال دينامبث
     تحولت الى قناة "دزاير" لصاحبها المقاول العاصمي علي حداد فوقعت عيني على برنامج بدا و كأنه في حلقته الاولى. اختار له معده اسما غريبا "الباييس". 
يقوم البرنامج على استضافة ثلاثة ضيوف للعب الدومينو مع منشط تم استحضاره من متحف التلفزيون الجزائري بداية التسعينات. يقوم هذا المنشط صاحب الاسم الغريب "كمال ديناميت" بطرح الاسئلة على ضيوفه و هم يلعبون الدومينو. لا زلت أذكر طريقته في تنشيط حصة موسيقية في 1991 و أذكر ايضا أنه نشطها يوما من اسطبل مع الابقار أكرمكم الله. مازال هذا الرويضبة يخاطب الناس بلهجة عفا عنها الزمن و بلباس اقرب الى لباس الصعاليك الذين يقودون تلك الدراجات النارية في امريكا. و الطامة الكبرى أنه لم يكلف نفسه حتى تركيب احدى اسنانه الامامية و لكم  أن تتخيلوه و هو يضحك مع ضيوفه. كل ذلك في برنامج يمتد لساعة أبطاله كلهم عاصميون أقل ما يقال أنه يجب اعادة الوضوء مباشرة بعد سماعهم و هم يتحدثون.
    مر علي الان اسبوع و انا اتابع برنامج "رانا حكمناك' على قناة النهار الجزائرية. وقد لاحظت أن كل ضيوفها تقريبا عاصميون. و البرنامج يقوم على استضافة نجم من نجوم الكرة أو الغناء ثم يقوم المنشط باستفزازه بأسئلة جريئة و تافهة دون أن يعلم أنه ضحية الكاميرا الخفية. أما الفائدة الوحيدة التي يخرج بها المشاهد المغبون فهو معرفة هؤلاء الذين يحسبهم الغافل نجوم بينما هم في الحقيقة عبارة عن غبار متطاير غطى على الفنانين الحقيقيين و ما أكثرهم خارج العاصمة. ومن يريد أن يتأكد ماعليه سوى مشاهدة الحلقة الخاصة بمخلوق يدعي أنه فنان اسمه "رضا سيتي 16" نسبة للعاصمة و كيف يفتخر بأكبر انجازاته و هو مصافحة "مايكل جاكسن". 
    لست أدري لماذا لا تشكل الدولة لجنة اعلامية من الاكادميين  تتولى مراقبة مثل هذه الحصص المسيئة للذوق العام حتى و إن اعتقد البعض أن في ذلك تقييد لحرية الابداع. فالرداءة العاصمية سيطرت على جميع القنوات و رحم الله أياما كان القسنطينيون و الوهارنة يسمروننا أمام الشاشات ننتظر "أعصاب و أوتار'' و "بلا حدود" بفارغ الصبر.

ليست هناك تعليقات: