الأربعاء، 1 أغسطس 2012

اليوم الثاني عشر: الفاكهة المنسية

مر اليوم الثاني عشر سريعا و كأن رمضان بدأ يسرع الخطى استعدادا للرحيل. و يبدو ان تسوقي باﻷمس منحني يوم راحة هذا الثلاثاء فآثرت استغلاله للتوجه إلى أعالي الجبال المحيطة بالطاهير هروبا من حرارة المدينة و رطوبتها الشديدة.  أخذت معي  بنتي أميمة وولدي شهابا و حفيدتي لينة و انطلقت باتجاه منطقة الشحنة.  كنت قد مررت بصديقي محمد ﻷساله عن حالة الطريق و إن كانت اﻷشغال قد انتهت به. أجابني مشكورا ان اﻷشغال تقدمت كثيرا و بإمكاني ربح الكثير من الوقت اﻵن. وما إن وصلت إلى منطقة القلعة حتى بدات معاناتي مع الغبار الذي أرغمني على خفض السرعة حتى لا أثير المزيد منه. كنت أعتقد أن الوصول إلى الزويتنة يعني التمتع بطريق معبدة حتى الشحنة و لكن أملي خاب. الوصول إلى خولة يعني المزيد من الحفر و المطبات و الغبار شعرت فيها ان سيارتي تترجاني أن أعود أدراجي بسببها. و  لكني أصررت على المضي قدما تنفيذا لرغبة حفيدتي لينة التي أرهقتني بطلبها الذهاب لجمع التوت البري من الشحنة. بوصولنا إلى منطقة دار أم السعد انتهت معاناتنا و أصبح الطريق سالكا معبدا مستويا .
    و صلنا إلى منطقة دار خديجة بعد حوالي ساعة من السير. الطريق وعرة و لكن المناظر المحيطة بك تنسيك وعورته. أخذ العياء من لينة كل مأخذ فنامت المسكينة قبل أن تتذوق ما جاءت من أجله. " les framboises"  ظلت المسكينة تسأل عن التوت حتى يئست فنامت. تكفل ولدي شهاب بإيقاظها بفرنسية عجيبة يبدو أنه تعلمها منها. " لقد وصلنا" كادت تطير فرحا لم توقفنا أمام أشجار التوت البري وقد بسطت نفوذها على جانبي الطريق و غطت كل اﻷشجار اﻷخرى.  أهل المنطقة هنا يسمونها " آستّوف"  ربما لكثافة أغصانها الصغيرة و المسلحة بأشواك تحرس ثمارها من كل من يقترب منها و خاصة اﻷبقار و اﻷغنام. مدت لينة يدها ﻷول ثمرة رأتها دون ان تنتبه للشوك المحيط بها فلدغتها مرغمة أياها على سحب يدها. أما أميمة فقد جربت لسعها العام الماضي فكانت جد حريصة على عدم التعرض للأغصان المشوكة او اﻷسلاك الشائكة. نظرت إلى حجم الثمار و أنا أقطفها و أنا أتساءل عن عدم اهتمام سكان المنطقة  بجمع هذه الثماراللذيذة  و الاستفادة منها ببيعها لصناع الحلويات في المدينة أو حتى لسكانها ﻷضافتها لعلب اليوغورت (yogourt)  و تناولها معه. فروسيا مثلا تنتج منه 95000 طنا سنويا كما تنتج صربا أكثر من 70000 طنا سنويا. أصبح الأروبيون يفضلون تناول التوت البري بعد ان أكتشفوا فائدته الكبيرة في الوقاية من السرطان- يحتوي على نسبة كبيرة من البوتاسيوم- و تسهيل عملية الهضم و لذلك يضيفونه لليوغورت أو الياوورت كما يسميه الجزائريون. فعليكم بالتوت البري لأنه  " باطل" أو مجاني و مفيد صحيا. شهية طيبة.