اليوم العاشر: أيام معدودات فعلا
اليوم مرت عشرة أيام من رمضان. صدق المولى عز وجل في قوله أنها أيام معدودات فعلا و لن تشعر بها إلا إذا اديتها حقها. قررت اليوم ان أكون أعمل شيئا مفيدا و لكن بعد ان أخذت قسطي من النوم. لقد تعود جسمي على أن لا ينام إلا على الساعة السادسة صباحا و لا يستيقظ إلا بعد منصف النهار بقليل. أصلي الظهر و أنطلق بسيارتي دون أن أحدد وجهتي. هذا اليوم اخترت الذهاب إلى الشقفة لمصلحة إدارية و خبزية. يقولون أن خبزها لا يضاهيه خبز آخر في الجزائر. دخلتها و لكن سرعان ما شعرت بالملل بسبب صغرها و ضيق شوارعها فمدخلها هو مخرجها. أثناء العودة و جدت أن الشخصان اللذان تركتهما يتشاجران بسبب حادث مرور ما زالا لم يشتبكا باﻷيدي بعد و لم يفترقا و يتفقا و كلاهما يرفع صوته شاتما و كأنهما في الإتجاه المعاكس بينما وقف باقي المارة يتفرجون حتى اني تخيلتهم فيصل القاسم و هو يسأل أحد الطرفين" كيف ترد على هذا الكلام؟"
عدت إلى المنزل و قررت أن أخذ رفيقا لي إلى جيجل فرافقني ولدي شهاب و حفيدتي لينة. الطريق إلى جيجل شبه خال من السيارات ﻷن الوقت عصرا و الجميع يستمتع بقيلولة هنية أمام مكيف الهواء .أما أنا فكل ما ﻷقوم به هو محاولة التهرب من أسئلة حفيدتي لينة التي لا تنتهي فكل جواب تحوله إلى سؤال آخر. الطفلة قادمة من فرنسا و لا تعرف شيئاعن ثقافتنا فتجدها تقارن أي شيء تراه او تسمعه بما عندهم هناك. " جدي ...لماذا لا يذهب الناس للبحر في رمضان؟ " جدي...لماذا لا يأكل المسلمون لحم الخنزير؟" " جدي لماذا لا تتكلمون الفرنسية و لماذا لا يتكلم الفرنسيون العربية و نحل المشكلة؟" . وصلت إلى جيجل بعد أن أرغمتني لينة على الإجابة على كل الأسئلة و قد فشلت في أن اتهرب من كل سؤال تطرحه. ذهبت مباشرة الى خباز يبيع خبزا تقليديا رائعا و لذلك يصطف الناس أمام محله صباحا و مساءا. أخذت دوري في الطابور و كان قبلي حوالي ثمانية أشخاص كلهم ذكور. استلم اﻷول في الطابور قطع الخبز ذات الرائحة اللذيذة و انصرف ثم أتي دور الثاني. فجاة تخترق امرأة عير متحجبة صفوف الرجال و تطلب 3 خبزات غير مراعية للطابور. قلت في نفسي مادام الجميع سكت فربما هنا في جيجل يحترمون المرأة ولا يقبلون أن تكون معهم في نفس الطابور. استغفرت الله و استعذت بالله من الشيطان الرجيم خاصة بعد ان لفحت وجهي الحرارة المنبعثة من داخل الفرن. اما الذين كانوا امامي فاستشاطوا غضبا مما رأوه. لمح أحدهم المرأة تصعد إلى سيارة زوجها الذي توقف غير بعيد عن الفرن و أرسلها لتاخذ الخبز مكانه. أحد الحضور انفجر غاضبا و هو ينظر إلى السيارة " تفوووووه عليك من رجل. انت عار على الرجال".
رجال زمان
القصة رواها لي صديقي رشيد عن ثلاثة أصدقاء من الريف. اعتادوا ان ينهضوا باكرا للذهاب إلى العمل في المدينة. كل يوم يلتقون في المقهى الذي يتوسط القرية غير بعيد عن محطة الحافلات. يرتشفون فنجان القهوة اليومي ثم يركبون الحافلة المتجهة إلى مدينة الطاهير حيث يعملون في مجال البناء. و قد اعتاد الأصدقاء كعادة أهل الريف أن يدفع أحدهم ثمن ما يتناوله اﻵخرون يوميا و دوريا. في أحد اﻷيام خرج احد الثلاثة عن المألوف و طلب هلالية و كاس حليب و قهوة. اندهش اﻵخرون مما فعله صاحبهم فسألوه إن كانت زوجته غائبة عن المنزل حتى يتناول الفطور خارج المنزل. أجابهم انها رفضت النهوض فلم يرد الإلحاح عليها. نظر الرجلان إلى بعضهما غير مصدقين ما يسمعانه. نهضا من مكانهما و ذهبا إلى المحسب. دفع اﻷول ثمن قهوته و قهوة صاحبه و تركا الثالث يقلب كفيه على ما ارتكبه من جريمة في حق الرجولة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق