الاثنين، 20 يونيو 2011

هم التصحيح

من أحب الأدعية إلى قلبي "اللهم إني أعوذ بك من الهم و الحزن و الجزع و الكسل و غلبة الدين و قهر الرجال". و المقطع الأخير من الدعاء هو الذي يهمني هذا اليوم لأني قاومت الكسل بشدة في الأيام الأخيرة. فبعد فراغي من امتحان البكالوريا يوم الخميس الماضي وجدت نفسي محاصرا بأوراق الإمتحانات الجامعية من كل جانب. كان لابد علي أن أصحح ما يقارب ال100 ورقة مكتوبة بالإنجليزية ملأها طلبة السنة الثانية أخطاءا يشيب لها الولدان.
 و لأني شعرت بالكسل الشديد بعد أن أخذت عطلتي من الثانوية فقد حاولت أن أصحح بالعشرة. آخذ عشرة أوراق أصححها ثم آخذ عشرة أوراق أخرى. بعد ان صححت الورقة الثالثة شعرت بملل شديد فتركت البقية و انتقلت الى الفايسبوك لعلي أطرد به الملل الذي سيطر علي. نظرت الى كومة الأوراق المتبقية فشعرت و كأنها تخاطبني و تقول لي "أتق الله حيثما كنت". تركت جهاز الكمبيوتر و استعذت بالله من الشيطان الرجيم و أخذت الأوراق و صعدت الى سطح المنزل. لم أشعر إلا و مؤذن المغرب ينادي حي على الصلاة حي على الفلاح. قمت بحساب الأوراق المصححة فوجدتها قد بلغت العشرين. "هذا من فضل ربي" , قلتها في نفسي و لم أبدها لزوجتي حتى إذا عسعس الليل أكملت الأربعين الباقية هذه الليلة. 
         كنت قد وضعت نصب عيني تصحيح أربعين ورقة و لكن مكالمة صديقي رشيد افسدت علي مخططي. الرجل توقف بسيارته أمام المنزل وامهلني عشر دقائق لأحضر نفسي. لقد دعانا فاتح الى الشاي في حديقة بيته في قرية ظهروصاف. الدعوة لا تقاوم و لا ترد فأجلت الفصل في القضية الى الغد بمشيئة الرحمن و التحقنا بفاتح الذي أكرمنا بكأس شاي مع  طبق فاكهة مشمش قدمت من بوسعادة. كنا نتسامر و نناقش أوضاع الأمة حتى تذكرت تلك الكومة من الأوراق فأفسدت السهرة عليهم و قفلت راجعا الى بيتي بعد منتصف الليل.
    عدت الى بيتي و القيت بجسدي المتعب على السرير و صففت الأوراق أمامي لعلي أستيقظ للصبح فأكمل البقية. أمسينا و امسى الملك لله. أشهد أن لاإله الا الله  وحده لا شريك له  له الملك و له الحمد و إليه النشور. نظرت الى الأوراق مرة ثانية فخلتها حية تسعى فالتقطتها و أكملت عشرة اخرى.  لم يمهلني آذان الصبح لآخذ ورقة أخرى فنهضت بسرعة بعد ان دبت الحركة في جسدي من جديد. توضأت و صليت الصبح فحمدت الله أن جعلني أسهر حتى شعرت بالصبح إذا تنفس. 
      هي الساعة الرابعة و مع تباشير الصباح تضاءل معه حجم الأوراق فشعرت براحة أذهبت عني الملل و الأرق فنمت حتى العاشرة من يوم الجمعة المباركة. كنت قد نويت العمل في الصباح و لكنني أجلت ذلك الى المساء. العمل على الإنترنت اخذ وقتي كله في الصباح . بعد صلاة الجمعة اخذت قيلولة قصيرة عملا بقوله صلى الله عليه و سلم" قيلوا فإن الشياطين لا تقيل"  بعدها أخذت يوسف و شهاب و تنقلنا الى شاطئ العوانة بعد أن دفعتنا الحرارة الشديدة لذلك اليوم الى الهروب الى البحر. "سأصحح ما بقي من الأوراق على شاطئ البحر بينما يلعب الولاد امامي". نصبت الشمسية و ألقيت بجسدى على كرسي و انطلقت في التصحيح. بعد الورقة الثالثة توقفت نهائيا فقد منعني خوفي على الأولاد من القيام بعملي فعدت الى البيت مسرعا لعلي أظفر بدقائق معدودات اصحح فيها أوراقي المتبقية. أغلقت هاتفي النقال و انهمكت في عملي حتى إذا ما تبقىت خمسة فقط شغلت هاتفي ليفاجأني صديقي رشيد بمكالمة يطلب فيها مني أن أعد الشاي لنلتحق بالجماعة. و ضعت الإبريق على النار و عدت الى الأوراق فلم أتوقف الا بعد أن وصلت رائحة الشاي بالنعناع الى انفي. كانت الساعة تشير الى العاشرة و النصف حين أعلن قلمي الأحمر نهاية الخدمة بعد ان نفذ مداده و هو يضع العلامة الأخيرة على الورقة الأخيرة .
   الحمد لله الذي وفقني لهذا فقد استعذت به من كسل التصحيح و هم التنقيط و حزن الوحدة فكفاني شرها جميعا.

ليست هناك تعليقات: