الثلاثاء، 12 فبراير 2008

سائح في الجزائر


كنت بصدد التجول بين القنوات الفضائية بحثا عن برنامج أو فيلم اقضي وقتي معه. توقفت لبرهة  مع ومضة اشهارية للجلسات الدولية للسياحة المنعقدة بالجزائر يومي 11 و 12 فبراير 2008 تحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية بهدف  جلب أو جذب 10 ملايين سائح سنويا للتمتع بجمال الجزائر. أما  السؤال الذي ينبغي أن يجيبنا عنه سيادته هو كيف سيتم تحقيق ذلك؟
    منذ حوالي أسبوع شاهدت شريطا وثائقيا عن اسبانيا و استطيع أن أتذكر جيدا بعض الأرقام التي تم ذكرها في هذا الشريط. اسبانيا الدولة التي لا يفصلنا عنها سوى بضعة كيلومترات والتي كانت متخلفة مثلنا في الثمانينات أصبحت الآن مركز جذب قوي للسياح الاروبين خاصة . يقصدإسبانيا أكثر من 57 مليون سائح سنويا و تحتل المرتبة الثانية بعد فرنسا بأكثر من 60 مليون سائح سنويا. أسبانيا شيدت 300000 سكنا سياحيا في عام 2007 مزودة بكل المرافق الضرورية و حوالي 100 ميدان للغو لف و غيرها من المنشآت الضرورية.
      نفرض الآن أن هؤلاء السياح ال57 مليون غيروا رأيهم فجأة وقرروا عدم الذهاب إلى اسبانيا و جاءونا إلى الجزائر فماذا اعددنا لهم؟
    ولنبدأ من المطار وبطء الإجراءات ثم لنسأل بأية لغة سيتحدث معهم رجال الشرطة أو الجمارك. هل هي العربية الأكاديمية أم الدارجة و أي دارجة نملك فهي مجرد خليط غير متجانس من العربية و الفرنسية المعربة مثل" هز الكواغط تاعك وتبعني للبيرو تاع الشاف " ترى أي سائح سيستطيع فك رموز هذه الشفرة؟
إلى البنك الآن وكيف سيتم تحويل العملات المختلفة التي جلبوها معهم؟ و لنفرض أن موظف البنك يتقن الانجليزية لغة البيزنس فكيف سيتمكن من تحويل الدولار الأمريكي و الاورو الاروبي و الجنيه الإسترليني البريطاني و الروبل الروسي بدون ان يجعل هذا ينتظر لساعتين و يقول لأخر" عد غدًا "و لأخر "لا توجد لدينا سيولة" أو" الجهاز عاطل" او "مكانش لا كونيكسيون"؟
     يخرج السياح الآن إلى المطار والسعيد المسعود منهم من يفوز بمكان على متن حافلة إن وجدها أصلا. أما بسيارة الأجرة فعليه أن يكون بارعا في حساب التحويل إلى الدينار كي لا يغدر به السائق الجزائري و يحمله بما لا يطيق لأن العداد لايوجد في السيارة وإنما في عقل السائق ثم أن عليه أن يراقب أمتعته جيدا و يحفظها جيدا و يربطها جيدا حتى يصل إلى الفندق بأمان بعد أن يكون قد عانى من ازدحام حركة المرور لمدة لا تقل عن 3 ساعات.
في الفندق عليه أن يسأل عن الماء إن كان متوفرا كل يومين أو كل ثلاثة أيام أو كل أسبوع ثم عليه أن يسأل عن أنواع الحشرات التي تخرج ليلا أهي الصراصير فقط أم يوجد من يرافقها من بق و ناموس. وعليه أن يسأل عن السوابق العدلية لعمال الفندق وهل يؤتمنون على الأمتعة أم لا.
سائحنا الان يحمد الله على السلامة وعلى ان عمال الفندق لم يطلبوا بقشيشا كما يقول الاخوة المصريون و هذه تحسب لنا. كما ان هذا السائح سيتساءل حتما عن سر هذه التكشيرة التي تميز الجزائريين عن غيرهم و لماذا هذا الكبرياء الزائد عن الحد السياحي؟ كما سيتبادر إلى ذهنه سؤال عن سر هذا "الغاشي" كله الموجود في الشوارع و في أوقات الذروة للعمل هناك فأنت في مدريد أو في باريس لن تجد شخصا جالسا في مقهى على الساعة الثالثة مساء مثلاً. من أين يأكل كل هذا الغاشي؟ من يطعمه ثم يسقيه؟ ثم من يؤويه و هو على هذه الحال بلا عمل و هذا العدد؟
لاشك أن عون الاستقبال في الفندق شاب طيب و لحرصه على سمعة بلده سينصح السائح بعدم استعمال الهاتف النقال خارج الفندق لأنه سيخطف منه بسرعة أسرع من البرق وما قام به الشاب الطيب سلوك حضاري لولا انه من ناحية أخرى إساءة لسمعة هذا البلد لأنك تحذر أجنبيا من السراق الذين يملاون شوارع مدن هذا البلد و تدفعه إلى مقاطعته سياحيا لشعوره بانعدام الأمن.
سائحنا جائع و يريد أن يتناول طعامه في مطعم عادي و ليته لا يفعل لان ما سيقدم له يفتقر إلى أدنى شروط النظافة بالمعايير التي اعتاد عليها هذا السائح. فمنشفة واحدة يستعملها النادل لمسح يديه و الطاولات و ربما الأواني وكل شيء يتم شفاهيا و المسكين لا يعرف لغة أجنبية واحدة فلا تحرجه بالسؤال. وأنواع الطعام تنقسم إلى قسمين لا غير. بلحم أو بدون لحم و لك الاختيار سيدي. "بصحتك" هذا ما ستسمعه قبل المرور الى المقصلة عفوا الى صندوق كما يسميه الجزائريون. و لانك اجنبي اشقر فستدفع ثمن ذلك سعرا مضاعفا لما تناولت. 
    الآن يريد ضيفنا الأجنبي تناول قهوة في اقرب مقهى في شارع حسيبة بن بوعلي بالعاصمة و الساعة الان التاسعة مساء . يغامر ضيفنا الاجنبي و يتجول في شوار ع العاصمة ليلا بحثا عن مقهى و يسير ويسير و يسير حتى يجد نفسه في الحي الشعبي بباب الوادي . أخيرا وجد ضالته . مقهى العصفور مفتوح و مكتظ عن أخره و الزبائن كلهم مشدودون الى جهاز التلفزيون المعلق على الخشبة . الكل يتابع مقابلة المولودية ضد اتحاد العاصمة رغم أن الوقت وقت صلاة العشاء. يتقدم صاحبنا و يطلب كأس القهوة يقولها بلغة عربية غير سليمة يحسبها القهواجي جيجلية " كهوة" فيرد عليه صاحب المقهى بلكنة عاصمية متميزة" طفينا المشينة شريكي"

هناك تعليق واحد:

سمر عبد الجابر يقول...

hehe..

nice post :)

well i didn't know it was this bad in algeria..
i thought it was better than some other arabic countries..

may i quote u??.

"it's a wonderful wonderful life!!". :)