كنت أعلم أن والدي سيغضب مني لو عرف أني قضيت ذلك اليوم في مشاهدة الأفلام. لن يمنحني فرصة قيادة سيارته مجددا. فكرت و قدرت ثم قررت أن أُخبره أن إصلاح السيارة تطلب وقتا أكبر بسبب أعطاب أخرى وجدها الميكانيكي غير تلك التي كان يعتقد أبي. ذهبت إلى المكان حيث اتفقت مع والدي أن نلتقي فوجدته في زاوية منعزلة وقد نفذ صبره من كثرة الإنتظار. اعتذرت منه طبعا و أخبرته أنني عدت إليه مباشرة بأسرع ما يمكن بعد أن أنهى المكانيكي عمله و أنه عثر على أعطاب أخرى تطلّب إصلاحا كل ذلك الوقت. لن أنسى ما حييت نظرات أبي إلى و أنا أبرر له سبب تأخري.
- أشعر بالخيبة لأنك وجدت نفسك مجبرا على الكذب علي يا بُني.
- ماذا تعني يا أبي؟ أنا أقول الحقيقة يا أبي.
رمقني أبي شزرا ثم قال.’ عندما تاخرت في العودة اتصلت بالميكانيكي لأستفسر عن سبب تأخرك , فأخبروني هناك انك لم تعد بعد لأخذ السيارة. إذن و كما ترى لم يكن هناك أعطال أخرى في السيارة كما أخبروني انك لم تعد لأخذ السيارة في الموعد المحدد''. شعرت بقشعريرة تسري في سائر جسدي لم أشعر بها من قبل. لقد كان شعورابالذنب لأني كذبت على والدي ولم أخبره بحقيقة ذهابي الى السينما و سبب تأخري. لقد كان أبي يستمع إلي و أنا أقص عليه تلك الأكاذيب و علامات الأسي تغمر وجهه.
- " لست غاضبا منك يا بني بقدر غضبي من نفسي. كما ترى, أدركت أخيرا أني فشلت كأبِ بعد كل هذه السنوات أجدك تشعر بالحاجة للكذب علي. لقد ربّيت ولدا لا يستطيع أن يقول الحقيقة حتى لوالده. سوف اعود إلى البيت الآن و أفكر في أين أخطأت خلال كل هذه السنوات''
- لكن يا أبي...البيت بعيد عنا الآن. انت في ميخاس 16 كلمترا عن بيتنا. الوقت ليل. لا يمكنك العودة مشيا على الاقدام.
لم تنفع احتجاجاتي ولا اعتذاراتي و لا كل ما قلته عن ثني أبي عن قراره. لقد خذلت أبي. كنت بصدد تعلم واحد من أقسى الدروس التي تعلمتها في حياتي. انطلق أبي في رحلة العودة غلى البيت ماشيا عبر تلك الطرقات المهترئة التي كان يكسوها الغبار. صعدت بسرعة إلى السيارة و سرت وراءه على أمل أن يتراجع عن قراره. توسلت إليه معبرا له عن ندمي على فعلتي التي فعلت لكنه واصل السير في صمت, شارد الذهن, متجاهلا كل ذلك. واصلت قيادة السيارة خلفه لمسافة 16 كلم لأقطعها في خمس ساعات.
لقد كانت مشاهدة أبي على تلك الحال كاسف البال منهك البدن التجربة الأكثر قسوة لكنها كانت أيضا الدرس الأكثر نجاحا في حياتي. لم أكذب عليه منذ تلك اللحظة.
ترجمها عن الاسبانية : أحسن بوفليغة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق