الخميس، 9 أغسطس 2012

اليوم العشرون: الاحتقان في كل مكان

اليوم العشرون: تغير ات  على تشكيلة المطبخ
   استيقظت كعادتي قبل الظهر فأديت صلاتي . الحرارة غير عادية زادتها الرطوبة سوءا. أشعر أن جلدي يلتصق ببعضه البعض كلما لمسته. زوجتي  طريحة الفراش تعاني من التهاب الحنجرة فقد ارتفعت حرارتها و اصبحت تعاني من العياء الشديد بسبب ذلك. تحملت ابنتي أعباء إعداد الإفطار أما أنا و يوسف فذهبنا للتسوق بعد أن أعلنت الثلاجة نفاذ مخزونها الاسترتيجي. و قد اعتدت الآن ان اتسوق من شارع النخيل رغم الفوضى العارمة التي تسوده. و مع ذلك فإني  أفضله على غيره من الأماكن بسبب الفواكه و الخضر الجبلية المعروضة هناك لأنها كلها طبيعية و لا تحتوي على أية مواد كيماوية كالأسمدة و المبيدات الحشرية. أختار من الفواكه التين و التين الشوكي لأن مصدرها الجبال و لأنها تساعدنا على تحمل الجوع و العطش. أعود إلى البيت مسرعا بعد أن ملأت قفتي و جف حلقي من العطش.
إصلاحات منزلية
   أفرغ الحمولة أمام ابنتي التي تتولى ترتيبها في الثلاجة اما أنا فأستلقي على أرضية  غرفة المعيشة طلبا للبرودة. أشغل التلفزيون بحثا عن قنوات الأخبار وما إن استقر رأيي على مشاهدة قناة الحوار حتى انقطع التيار الكهربائي و تركني لا ألوي على شيء. فكرت و أبصرت ثم قدرت أنه يجب على أن أكون مفيدا و أشغل نفسي بشيئ مفيد بدل أن تشغلني هي بالباطل. أسرعت للمطبخ و أصلحت كل ما يجب إصلاحه في الرفوف او في المصابيح الكهربائية. أنهيت عملي عندما أذن المؤذن لصلاة العصر. اغتسلت و صليت ثم أخرجت سيارتي أريد الفرار إلى أعالي الجبال طلبا للماء البارد و هربا من القيظ و الضجر.
هجوم على الينابيع الطبيعية
     بلغت مقصدي في أعالي الجبال وبالضبط في منطقة عين تيري. إنها أبعد نقطة يمكن ان تصل إليها بسيارتك. قرية عين تيري عبارة عن منازل قديمة  مترامية الأطراف ما زال يقطنها من عجزوا عن النزوح للمدينة لفقرهم أو لتمسكهم بالحياة الريفية البسيطة. يعيشون على ما تجود به الأرض من خيرات و لكنها على ما يبدو لا تكاد تسد رمقهم. يقصدها ساكنو المدينة مثلي بحثا عن الفواكه الجبلية كا التين و التين الشوكي أو الهندي كما يسميه أهل جيجل. تناولهما في السحور يضمن لك أن لايعرف الجوع و لا العطش إليك سبيلا طيلة يوم كامل من الصيام. لم أجد لا من يبيع و لا من يشتري وقد اخبرني بعض من سألتهم أنه ينبغي علي القدوم صباحا مع أني كنت أجدها معروضة مساء كل يوم من الأعوام الماضية. عدت أدراجي لأجد ان النبع الطبيعي الذي كنت أتزود منه في "زرع الورد" يغص بالسيارات التي جاء أصحابها من كل حدب و صوب بحثا عن ماء بارد رقراق يروي ظماهم في هذا القيظ الرمضاني الرهيب. تخليت عن فكرة جلب الماء و قفلت راجعا.
الاحتقان في كل مكان
     عدت إلى المنزل و قد شارفت الشمس على المغيب وراء التلال المحيطة بمدينة الطاهير. الجميع يتحدث عن حرارة هذا اليوم التي بلغت مستويات قياسية. أكياس القمامة مازالت مترامية على الرصيف منذ اول أمس بعد أن دخل عمال النظافة في إضراب. بقاؤها تحت حرارة اليوم جعلت روائحها تزكم الأنوف و تسد الأنفاس. قلت في نفسي أن هناك من يدفع الأمور إلى الإحتقان بعد قطع الماء و الكهرباء عن الناس  و عدم رفع القمامة من أمام منازلهم  و تجريد الولاة من صلاحية استعمال القوة العمومية ضد من يقطعون الطرقات . إن الدولة تتراجع بشكل رهيب أمم زحف الفوضى و الخارجين عن القانون. الكل يتحدث عن احتقان و انفجار وشيك قد يجرنا إلى فوضى ليست خلاقة على الإطلاق. الأمر بحاجة إلى الإصلاح بعيدا عن العنف أما الصمت الذي تمارسه السلطة بعد فضيحة الانتخابات فلن يؤدي إلى أي شيئ سوى مزيدا من الضغط و الفوضى. ربي يستر برك.

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

حقا كما قلت "ربي يستر"..بعيدا عن هذا وذاك من وصفك لجيجل اصبحت اتحرق شوقا لرؤيتها..
تحياتي..