السبت، 18 أغسطس 2012

اليوم التاسع و العشرون: بكاء يوشع


اليوم التاسع و العشرون: الجمعة اليتيمة

 يطلق الاخوة الشيعة في لبنان على الجمعة الأخيرة من رمضان بالجمعة اليتيمة و هو ماشعرت به فعلا هذا اليوم. كل المؤشرات كانت تقول ان يوم العيد سيكون يوم الأحد و هو ما تنبأ به بوناطيرو و جمعية الأشعري الفلكية بقسنطينة. أما أنا فأعتقد ان السعودية و قطر هي من تقرر متى يكون عيد الفطر و ما علينا سوى اتباعهما خشية أن تؤذينا الأولى بتخفيض أسعار النفط و الثانية بتسليط ذراعها الإعلامي الرهيب المتمثل في الجزيرة.
    خطبة الجمعة أو التعذيب بالخطابة
    تنقلت إلى المسجد قبل الواحدة . كان الجو حارا زادته الرطوبة ثقلا. حتى نسمات البحر التي تهب من الشمال أصبحنا نشعر و كأنها سياط من نار تلهب وجوهنا. كنت محظوظا إذ توقفت سيارة جارنا بجانبي فصعدت و انا احمد الله أن وقاني شر الطريق الذي تنعدم به ظلال الأشجار و الشرفات. صعدت إلى الطابق الثالث فوجدت انه مكتظ عن آخره  فحشر الصلون حشرا في غياب أي مروحة أو مكيف هواء ينعش هذه الأجسام المتصببة عرقا. مرت ربع ساعة  تقريبا بعد الواحدة حين رفع الآذان الأخير بعد ان تأخر الإمام في فتواه حول زكاة الفطر و دخل في تفاصيل غريبة  فمن ذا الذي لا يعرف ميقات إخراج زكاة الفطر و أهميتها بالنسبة للصائم.  بعدها شرع في الخطبة الأولى و بدأ كعادة بعض الأئمة السلفيين في توصياته و أوامره و نواهيه شعر المصلون معها بالرغبة في النعاس.  الحرارة تزداد ارتفاعا مع تزايد قدوم المصلين و تسارع تنفسهم غيظا بسبب إطالة الإمام. مرت نصف ساعة قبل أن يتفطن الإمام إلى أنه قد أطال و لا شك ان الجميع في الطابق الأرضي كان غما يتثاوب أو ينظر إلى ساعته.
آخر المشاوير. 
يوميات جزائري...     عدت إلى البيت تحت لهيب شمس منتصف النهر و أنا أتصبب عرقا. الكل يجمع أن صيف هذا العام لم يشهدوا له مثيلا من قبل. كنت أعلم أن الثلاجة فارغة تماما و علي القيام بالتسوق خاصة و العيد أقبل. تنقلت يسيارتي إلى وسط المدينة فوجدت أن شوارعها ملئت مركبات خضر و فواكه من كل الأحجام على غير عادة أهل البلدة في يومهم هذا في صيفهم هذا. كنت محظوظا ان أخذت يوسفا معي فقد أعانني على حمل مشترياتي من المحلات إلى السيارة. أما ما فجأني اليوم هو أسعار الخضر التي التهبت فجأة دون سابق إنذار.  فمنذ يومين فقط اشتريت الفلفل ب40 دينارا للكلغ أما اليوم فهو ب 80 دينارا أي الضعف. لقد استغل هؤلاء الوحوش المسمون ظلما تجار عطلة العيد ليلهبوا الأسعار و يسلخوا  المواطن الغلبان  بعد أن ذبحه تجار الألبسة. اقتنيت كل شيء أحتاجه يوم العيد و عدت ألى المنزل فرارا من اللهبين : لهب الحرارة و لهب الأسعار. 
   بكاء يوشع 
   يوشع هذا صديق أمريكي من كارولاينا الجنوبية. هو شاب في مقتبل العمر هداه الله إلى الإسلام بعد أن كان يكره المسلمين و الإسلام كرها شديدا. لما شاهدته و هو يحكي قصته شعرت بالغيرة منه. لقد تعلم في فترة وجيزة عن دينه الجديد ما عجزت عن تعلمه منذ ولادتي مسلما. الرجل تحول إلى داعية كبير و أصبح ينتج كتبا تعرف بالإسلام. فوجئت به اليوم بعد ان أصبح صديقا لي يبعث لي رسالة يبكي فيها رمضان بكاء شديدا و كانه مفارق شخصا عزيزا عليه.  قلت له إن الفرصة مازالت أمامه ليصوم الستة أيام من شوال و يدعو الله أن يعيد عليه رمضان سنوات عديدة و لكن الرجل ظل حزينا شعرت معه بالحزن على نفسي. لم يسبق لي أن بكيت على رمضان  و أنا أصوم منذ أكثر من 34 عاما مثلما بكى هذا الأمريكي الجديد على الإسلام.

ليست هناك تعليقات: