اليوم الثالث و العشرون: تبكير
لأول مرة منذ حلول الشهر الفضيل أستيقظ باكرا على الساعة العاشرة بعد أن سهرت حتى السابعة صباحا كعادتي. أربع ساعات نوم لم تكن كافية. توجهت مباشرة إلى مركز البريد لسحب ما في رصيدي من مال اذخرته للعيد. كنت أعتقد أن سأجد البريد فارغا فكل من قابلته مؤخرا قال لي بأنه يسهر إلى الصبح ثم ينام إلى الظهر. فوجئت بالعكس تماما. اعتقدت أنهم من أسرة التعليم جاءت لسحب أجرتها فغادرت مسرعا لأني أكره الإنتظار.
النوم القاتل
أخرجت سيارتي متوجها إلى جيجل لأسحب مدخراتي معتقدا ان الجواجلة ينامون أكثر مما يستيقظون. مررت بوسط مدينة الطاهير فوجدت أن الشوارع مكتظة عن آخرها و لا مكان لمن يريد أن يركن سيارته. إنها بوادر العيد و الكل يزحف من كل فج عميق لكسوة أهله و أولاده. الكل يشتكي من الأسعار لكن الكل يشتري حتى دون ان يساوم. الألبسة التركية تلقى رواجا كبيرا على حساب السلع الصينية ذات النوعية الرديئة. أسرع في مغادرة الطاهير إلى جيجل قبل أن يشتد الحر و يغلبني النعاس. أصل ألى منطقة أولاد صالح لأفاجئ بحادث أصطدام سيارتين خلف أضرارا جسيمة بهما. عرفت أن النوم سبب الحادث و كدت أرجع لأنني كنت تعبا أيضا. هي المرة الرابعة التي أصادف فيها حادثا منذ دخول الشهر قد كان النوم أثناء القيادة السبب الرئيسي فيها.
هجوم على مراكز البريد
أصل إلى جيجل عند منصف النهار. محلات الألبسة مكتظة عن آخرها. أتوقف عند مركز البريد الأول فأجد الواقفين خارجه أكثر من الذين هم بداخله. أنتقل إلى وسط المدينة فأجد نفس المشهد. أنتقل إلى مركز اولاد بوالنار فأقابل بصف من السيارات أمام المركز لا قبل لي به. إنهم يفعلون ما أفعل. هؤلاء مثلي هربوا من الطوابير و جاؤوا إلى هنا. أكمل السير ألى منطقة اندرو غير بعيد عن حديقة الحيوانات. الحمد لله وجدت المركز فارغا. أسحب مدخراتي و اهرع إلى المسجد من أجل صلاة الظهر. أتوضا فأشعر أني ولدت من جديد. لقد أذهب الماء البارد عني كل شعور بالتعب إلى حين.
دواء العطش
الطريق إلى المدينة الجامعية تاسوست بدا لي خاليا حين سلكته و لكن ما إن وصلت إلى بوخرتوم حتى فوجئت بالحركة الكثيفة للسيارات. قررت أن أتسوق اليوم من تاسوست فتوجهب مباشرة إلى سوقها. الكل يشتري و الشرطة تحاول عبثا تنظيم الأمور. لقد تضاعف عدد الزبائن مقارنة العام الماضي و السبب هو هؤلاء القادمون من الوادي و بسكرة و ورقلة أو أهل الصحراء. لقد أجروا منازل و شققا هنا هربا من الحرارة الشديدة. و الكل يلاحظهم لأنهم يتسوقون مع نسائهم على عكس الجواجلة الذين يحرمون على المرأة دخول الأسواق. أسرع بشراء ما تعودت عليه بعدما شعرت بعطش رهيب لم أشعر به من قبل. لقد جف حلقي و انا داخل السيارة تحت لهيب أشعة الشمس الحارقة. وصلت إلى البيت فأفرغت بضاعتي أمام زوجتي فإذا هي تضحك مني متسائلة عن سبب شرائي لثمانية قارورات من العصير و الصودا دفعة واحدة أي 16 لترا مرة واحدة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق