جاءني مرة و هو يتحدث عن تلاميذ قرية بازول و انعدام أخلاقهم بعد أن نصبوا له كمينا ذات مرة و أسقطوه أرضا بعد ان وضعوا له كرسيا أعرجا تحت مكتبه. قلت له ان الامر سهل و يكفي الدخول لأنترنت لتعالج المشكلة. قال لي أنت دائما تتحدث عن الانترنت هذا و كأنه مصباح علاء الدين. أخبرته ان الانترنت فعلا كذلك و اعطيته بعض العناوين التربوية ليستفيذ منها. تشجع الرجل و دخل مقهي الانترنت معي فأرشدته إلى الطريقة و لم أغادر المقهى حتى تأكدت ان الرجل قد غاص في بحر الانترنت. تركته و لم التقه بعد ذلك لأيام و ما إن رآني حتى أسرع نحوي و هو يوبخني لأني تأخرت في إدخاله عالم الانترنت.
كان حديثه كله عن الانترنت و ما استطاع ان يفعله بفضله و عن اليويتيوب و مواقع الأفلام و الرياضة. طلب مني أن ادله على أشياء أخرى يمكنه القيام بها فقلت له عليك بالدردشة فأنها تفتح عينيك على عالم آخر. مر أسبوع و عاد الرجل يحكي بانبهار عن الدردشة و صالاتها و موضوعاتها. انغمس المسكين فيه فأصبح يقضي وقته بين المدرسة و مقهى النت و نسي بيته و أطفاله تماما. أصبح ينفق عليه اكثر مما ينفق على بيته و عرفت فيما بعد أنه أصبح يصدق رسائل الأفارقة الذين يوهمونه بالثراء و اقتسام المواريث معه. أصبح المسكين يحول أجرته الشهرية إلى عملة صعبة يرسلها إلى هؤلاء المحتالين الأفارقة حتى نهيته عن ذلك بعد ان أدركت خطورة فعلتي. كنت أعتقد ان توفيق سيستفيق و لكنه انخرط في الفيس بوك و أصبح مدمنا على المشاركة و إرسال رسائل الاعجاب و طلب الاضافة على شبكة التواصل الاجتماعي.
أدمن توفيق على الفيس بوك و راح يضيف الأصدقاء بالمئات و يتقاسم معهم الصور و الفيديوهات و الأخبار و أي شيئ يجده أمامه. أصبح كل همه معرفة عدد من راسلوه و من أعجبهتهم إدراجاته. و قد يطير فرحا إذا رأى اللون الأحمر فوق أيقونة الرسائل يخبره ان لديه عددا معينا من الرسائل. بالامس جاءني يشكوني من عجزه عن الخروج من دائرة الإدمان من الفيس بوك و سألني إن كانت لدي طريقة للتخلص من هذا الأدمان. تنهدت قليلا ثم قلت له
- شوف يا صديقي ...عليك ان تدرج مشاركة على حائط الفيسبوك تخبر فيها جميع أصدقائك هناك أنك ستقطع صلتك نهائيا بالفيس بوك و لن تعود إليه نهائيا فيتوقفوا عن مراسلتك هناك و مشاركتك إدراجاتهم.
- بسيطة .سأقوم بذلك الآن. لن أعود إليه مرة ثانية.
ذهب توفيق مسرعاإلى أقرب مقهي و فعل ما طلبت منه ثم عاد إللي في اليوم التالي فرحا مسرورا. لقد تخلصت يا أحسن من الفيس بوك و همومه...صدقني نمت البارحة مرتاحا. التقينا بعد يومين فوجدته قلقا عبوسا. طلبت منه ان نتوجه إلى المقهى لتناول كأس شاي فقال لي انه يفضل الذهاب إلى مقهى الانترنت و الدخول لصفحة الفيس بوك الخاصة به لمعرفة عدد من أعجبهم قراره التخلي عن الفيس بوك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق