الاثنين، 9 أبريل 2012

يوم سقطت بغداد

إسقاط تمثال صدام رمز لإسقاط النظام
الجنود الأمريكيون في لقطة مهينة داخل قصر رئيس جمهورية العراق
الرئيس الشهيد وهو يحيي العراقيين لآخر مرة
    التاسع من أبريل 2003 يوم لن أنساه مهما بلغت من العمر. كيف لها وهويذكرني بواحدة من أسوأ الذكريات في حياتي. لازلت أذكر ذلك اليوم العبوس. كان يوم أربعاء. يومها كنت  أعمل في قرية بلغيموز التي تبعد عن الطاهير ب 30 كلم. استيقظت ذلك اليوم كعادتي على الساعة السابعة. كنت على موعد مع العمل على الساعة التاسعة ومن عادتي أن أنطلق بسيارتي نصف ساعة قبل ذلك. أول ما فعلته عند الاستيقاظ هو تشغيل التلفاز و التحول مباشرة إلى قناة الجزيرة الإخبارية لمعرفة ما يحدث في العراق الشقيق الذي كان يتعرض لأبشع احتلال عرفه التاريخ المعاصر. لقد تكالبت عليه قوى الشر بتواطؤ فاضح من الجار والشقيق.
إمعانا في الإهانة يصورون الكلاب و هي جالسة على كرسي الرئيس صدام
العراقي و هو يتمتع بالحرية التي وعده أياها الأمركان
   قاوم العراقيون ذلك الغزو ببسالة نادرة حتى أن قرية صغيرة على الحدود العراقية الكويتية تسمى أم قصر أوشكت أن تدخل التاريخ بعدما قاومت المحتلين الأمريكان لأكثر من أسبوع. أخبار الثامن أبريل بعثت فينا الأمل بعد أن راجت معلومات تفيد بتعرض القوات الأمريكية لهزيمة ماحقة في مطار بغداد كان بطلها الرئيس الشهيد  صدام حسين الذي قاد بنفسه كتيبة دبابات. تدخلات وزير الاعلام العراقي آنذك الصحّاف بعثت فينا الأمل بصمود عاصمة الخلافة واندحار العدوالأمريكي وانتحاره على أسوار بغداد. هكذا كنت أمني النفس قبل أن أشاهد ذلك المنظر الفظيع و الذي ركزت عليه كل شاشات القنوات الفضائية. تحولت إلى  BBC فرأيت نفس المشهد. انتقلت إلى العربية فكان نفس المشهد المثير للإحباط و الاشمئزاز. رجعت إلى الجزيرة فتأكدت أن عاصمة الخلافة سقطت دون مقاومة. كان أبشع منظر شاهدته في حياتي. رؤية الدبابتين الأمريكيتين فوق جسر من جسور وسط عاصمة الرشيد. شاهدت كيف قصفت الدبابتان  فندق الرشيد و قتلت صحافية إسبانية و صحافيا عربيا يعمل في قناة الجزيرة.
       أقفلت التلفاز بسرعة و خرجت أريد الذهاب إلى عملي رافضا تناول فطوري رغم إلحاح أمي رحمها الله. شغلت محرك السيارة و ماهي سوى لحظات حتى سمعت ابن أخي نصر الدين يستصرخني لنجدة اخته سارة التي سقطت من شرفة الطابق الأول فوقعت على رأسها. أسرعت لحملها من الطريق العام حيث سقطت. أنه يوم أسود من أوله قلت في نفسي. فقدت المسكينة و عيها فيما كانت أذنها اليمنى تنزف دما. جاء أخوها رؤوف و عمتها فساعداني على إدخالها للسيارة. انطلقت بسرعة جنونية أريد المستشفى. لم أكن قد تجاوزت الكيلومتر حين أصدرت سارة صوتا ظننا أنه الاخير  فيما قال رؤوف أنها ماتت. صرخت فيه صرخة سكتعلى إثرها و لم يتكلم أبدا بعدها. انتبهت عمتها و هي تضعها في حجرها فطلبت منا شراء قارورة عطر و فعلا توقفت بسيارتي و نزل رؤؤف لشرائها. و إني أضحك الآن لم أتذكر رؤوف و هو يخرج من المحل و صاحبه يصيح وراءه" الصرف ...الصرف" فيرد عليه رؤوف بغضب وهو يسلم لعمته زجاجة العطر" خلينا يرحم والديك". تبلل أختي وجه سارة بالعطر فتتنهد سارة تنهيدة استعادت معها أنفاسها. أوصلت سارة إلى المستشفى و انطلقت إلى عملي بسرعة. وصلت إلى مقر عملي و الجميع ينظر إلي. لم أنتبه إلى الدم الذي كان يغطي كتفي فيما لاحظه الجميع. سألني أحد زملائي عنه فقلت له "إنه من آثار القصف الأمريكي على فندق الرشيد". لم أدرك ما قلته حتى رأيت وجه صاحبي وهو ينظر إلي محدّقا فاغرًا فاه.

ليست هناك تعليقات: