الثلاثاء، 16 نوفمبر 2010

هذا عيدنا فأرونا أعيادكم


مشهد 1
استيقظ على صوت المؤذن ينادي حي على الصلاة. إنه الفجر.أراقب الساعة و أنهض مباشرة. الجو بارد
و الفراش ينادي حي على النوم أفتح النافذةقليلا. تباشير الصباح توحي بأنه يوم جميل. نسماته الباردة تلفح وجهي فتوقظني قبل أن أغتسل .أؤدي صلاة الفجر و أوقظ ابني يوسف ليستعد للذهاب الى المسجدفهو مرافقي الدائم.أحمد الله أنه لم يتردد لحظة في النهوض.لقد استجاب الله لدعائي الذي طالما رددته في صلاتي '' رب أجعلني مقيم الصلاة و من ذريتي ربنا و تقبل دعاء رب اغفر لي و لوالدي و للمؤمنين يوم يقوم الحساب'' .أشغل التلفاز و أتنقل بين القنوات. أتوقف للحظات في قناة السعودية.إنه النقل المباشر لصلاة العيد من المسجد الحرام. الشيخ السديس يتحفنا بدعاء و ﻻ أروع.و اﻷروع من ذلك أن تبدأيومك بدعاء جميل من شيخ وقور وصوت رباني. ينتهي النقل المباشرلصلاة العيد فأغير القناة الى السعودية الثانية. النقل المباشر لمشاعر رمي الجمرات ووفود الحجيج تسير. تملأ الطرقات بلباسها اﻷبيض الناصع الجميل. ياله من مشهد عظيم ﻷناس تركوا الدنيا و راءهم , أقبلوا على الآخرة. لبيك اللهم لبيك لبيك ﻻ شريك لك لبيك إن الحمد و النعمة لك و الملك. أمر الى قناة أخرى و حديث عن قطار الحرمين الذي ابتدأ تشغيله لنقل حجاج بيت الله الحرام الى المشاعر المقدسة في منى و عرفات.ويعمل به 5000عامل صيني يتناوبون على العمل 24ساعه ويعد مشروعاً هاماً إذ سيغني القطار عن استخدام 12000حافله في الحج وسيستوعب نقل مليونين راكب وهذا الكم المهول من الركاب الذي يستوعبه القطار سيجنب مكة المكرمة ظاهرة الزحام بعد أن عانت مكة من الزحام ل100عام . الله أكبر . أقبل الصينيون العاملون في المشروع على الدخول في الإسلام بعدما رأوا بإم أعينهم المسلمين في مكة و كيف يقبلون من كل بقاع العالم لهدف واحد و هو زيارة بيت الله الحرام.نسيت نفسي و غرقت في تفاصيل المشروع حتى سمعت يوسف ينادي علي بعد ان حمل سجادتين ووضعهما على كتفه كما رآني أفعل. '' هيا بنا ياأبي و إﻻ ستفوتنا تكبيرات العيد.نخرج الى الشارع باتجاه المسجد. جو بارد و أشعة شمس دافئة تتسلل من بين الغيوم بين الفينة و الأخرى.

مشهد 2
وصلنا الى مسجد سيدي يحي. صوت الامام و من معه في الصف الاول يتردد في السماء.انهم يكبرون و يهللون بحمد الله. ﻻ ينافسهم في ذلك اﻻ صوت الخرفان القادم من العمارات القابلة للمسجد و كأنها هي كذلك تشارك في التسبيح. المسجد مكتظ عن داخله فنختار الجلوس في الساحة المقابلة للمسجد. تطوع بعض الخيرين و فرشوا زرابي للركع السجود في الساحة. نجلس أنا و يوسف في الصف الأمامي و نبدأفي التكبير مع الإمام. مازالت الوفود تصل الى بيت الله. الكل في لباس جميل أنيق و كأنهم مدعوون الى حفل بهيج لعرض الأزياء.كيف ﻻ و الجميع سيقف ليس أمام مسؤول كبير أو وزير أو رئيس و لكن أمام الله الواحد القهار. الجو بارد فعلا و الأشعة المتسربة بين الغمام لا تكاد تدفؤنا حتى تختفي من جديد. يقف الجميع في صف واحد ملبين نداء الإقامة. الله أكبر الله أكبر قد قامت الصلاة. يصلي بنا الإمام ركعتين قرأ فيهما سورتي الإنشقاق و البروج. يسلم و يستمع الجميع في خشوع و انضباط كبير قل أن تجد مثله. ألله أكبر. من ذا الذي يتحكم في هذه الحشود الكبيرة؟ حوالي خمسة آلاف شخص جالسون في صفوف متقاربة ومع ذلك هم صامتون منصتون بلا رقيب و ﻻ عتيب. ينتهي الغمام من الخطبة الطويلة و لم أتردد في النظر الى الساعة بعد ان طفح الكيل. رباه إن له قدرة على الاستفزاز قلّ نظيرها. الساعة تشير الى التاسعة و ثمانية دقائق. أي انه أمضى أكثر من أربعين دقيقة في خطبته كان يكفي أن يختزلها في ربع ساعة. الخطبة كانت عبارة عن سرد لقصة سيدنا ابراهيم مع و لده أسماعيل عليه السلام. تنتهي الخطبة و يتبادل الجميع التهاني و ينصرفون الى بيوتهم في انضباط و تراحم كبيرين.

هناك تعليق واحد:

مذكراتي فحسب يقول...

استيقظ بعد ليلة طويلة عانينا فيها من انقطاع الكهرباء و اتمنى لو انني كنت معهم ...في الحرم أو في المسجد ....افتح قناة التلفاز و لا يشغلني الا صور و ذكريات من تلك الرحلة الأكثر من رائعة ....
أراهم و هم يرمون الجمرات و اتذكر نفسي وجماعتي بعد أن رمينا الجمرات ..تصافحنا و باركنا لانفسنا تلك الولادة الجديدة ...و انا من دون أي وعي أو تركيز كنت أبكي و انا اسلم على الجميع ....لربما استشعرت ولادتي من جديد!!


انظر إلى تلك الأمة و هي تطوف الأفاضة و تعصف بي الذاكرة لذلك المشهد الذي لا يغني عنه التلفاز شيئاً و أتمنى أن أعود للوراء و لتلك اللحظة التي نظرت فيها إلى صحن الكعبة لأرى امواج الناس تدور في دوامة ايمانية تعصف بقلبي حتى هذه اللحظة


ثم ماذا بعد الوداع ....غير البكاء و البكاء و البكاء ...شعرت بالاحراج من الجميع لانني لم استطيع ان اوقف دموع عيني المتساقطة لان وقت ضيافتي مع الرحمن قد انتهى و بأنني عائدة إلى أرض الوطن!!!


واظل ابكي في كل لحظة ارى فيها هذه اللحظات و لا يعيدني غير املي الكبير في العودة إلى هناك....