الثلاثاء، 24 ديسمبر 2019

ما أشبه اليوم بالبارحة


ديسمبر 1978 توفي الرئيس هواري بومدين و حزن عليه الجميع. امتلأ بيتنا يومئد لمشاهدة جنازته منذ العاشرة صباحا. جاء الاقارب و الجيران الى بيتنا لأننا كنا الوحيدين الذين يملكون تلفازا.
جلس الصحفي محمد ملائكة أمام الكاميرا منفوش الشعر منتفخ العينين من شدة البكاء وراح يعلق على الجنازة و هي تعبر شوارع العاصمة و الجميع في البيت يكفكف دموعه حزنا على فقيد الجزائر كما كان يكرر الصحافي.
وصلت الجنازة الى مقبرة العالية بعد أن وجدت صعوبة في شق طريقها وسط الحشود العارمة التي حاولت 
الوصول إلى الجثمان لتقبله و الشرطة تدفعها برفق تارة و بعنف تارة أخرى.
ازداد بكاء من في البيت و خاصة بنت خالي زينب عندما شرع بوتفليقة وزير خارجية بومدين في قراءة خطبة التأبين و هو يرتدي نظارات سوداء لأخفاء دموع حاول إسالتها جاهدا.
كنت طفلا صغيرا لا يفقه شيئا في السياسة فسألت بنت خالي عن سبب بكائها هي و من في البيت و التلفزيون و الشارع فردت و هي تشهق '' ضعنا بلا بومدين يا حسن."
اجتمع اولو الرأي و القرار بعد الوفاة او قبلها وقرروا تعيين الشاذلي بن جديد خلفا لبومدين الذي وعد بالاستمرارية على نهج بومدين ثم دورها من اشتراكية الى رأسمالية او ما بينهما. رحل الشاذلي بعد أن أدخل البلاد هو وقادة الجيش و الفيس في دوامة لازلنا ندفع ثمنها اليوم.
فبراير 2019 يقرر من كان يدعي انه خليفة الزعيم التاريخي بومدين الترشح لعهدة رئاسية خامسة ولكن احرار الجزائر وقفوا له بالمرصاد. إذ خرجوا ذات جمعة في مسيرات سلمية حاشدة قل نظيرها في العالم أجمع. تكررت المسيرات و ازداجت حجما و نوعا مما دفع بقائد الجيش ان يقرر مرافقتها و عدم التعرض لها. خروج الشعب أعطى لقائد الجيش ورقة سمحت له ان يبطل العهدة الخامسة و مع إصرار الشعب على خلع كل من كان له يد في الفساد الذي عم و انتشر قرر القائد ان يحرر العدالة و يطلق يدها في محاربة الفاسدين و الزج بهم في السجن.
اتوقف هنا لأقول شيئا أنه لولا الذين خرجوا من ديارهم يوم فبراير و لولا يقظتهم واصرارهم لمرّت وفاة القائد اليوم مرور الكرام. لقد منح الحراك القايد صالح فرصة الموت بنبل و شرف كأي قائد للجيش يموت من اجل وطنه. شكرا للحراك و تحية عسكرية لهذا القائد الباسل. اما الذين لم يخرجوا و تولوا يوم الزحف فلا عزاء لكم بل و تبا لكم كما تبت يدا أبي لهب و تب.

ليست هناك تعليقات: