الجمعة، 8 فبراير 2008

عودة بعد هجران


              بسم الله الرحمن الرحيم
       لأني لا أعمل يوم الخميس انتهزت فرصة الجو الربيعي الذي يسود المنطقة منذ حوالي شهر واتجهت الى منطقة الأربعاء مسقط راسي. رافقني في هذه الرحلة ولدي يوسف الذي يحبها كثيرا.  ما شجعني على الذهاب هو عودة الأمن إليها بعد أن عانت أيام الإرهاب الدمي الذي عاشته الجزائر في التسعينيات من القرن الماضي. لما وصلنا إلى قاعدة عسكرية للجيش نواحي جنان عياد اوقفني الجنود وطلبوا مني وثائق السيارة كما فتشوا سيارتي بكل احترام ثم سمحوا لي بالمرور متمنين لي قضاء أحسن الأوقات.

من جبال الأربعاء التي وصلتها علي الساعة الثانية بعد الزوال يمكنك أن ترى جميع المدن والقرى المحيطة بمدينة الطاهير. قرية الأربعاء بدت لي موحشة وخاوية على عروشها. أمل عودة السكان بعد هجرها خلال سنوات الجمر سرعان ما تبدد مع تردد السكان في العودة.  لقد ألفوا حياة المدينة  حيث تتوفر لهم بعض شروط الحياة  و لن يعودوا لهذه القرية حيث لا إنارة و لا مدرسة و لا مستشفى .
        لكن ما وقفت عليه في الأربعاء أدهشني . فقد لاحظت أن المدرسة رممت وأضيف إليها بيت لائق للمدير كما بني مسجد جديد وعيادة طبية وبعض السكنات. الكهرباء متوفر والماء الزلال ينتظر من يمد يديه ليشربه. ترجلت انأ و يوسف و تجولنا في هذه القرية العزلاء المنسية . شوارعها بلا أسماء لكن ماءها كان أحلى من المياه المعدنية التي نشربها في الطاهير. 
        اتجهت إلى دوار أولاد يسعد حيث  دُفن   أبي منذ 34 عاما. لم يبق من المنزل إلا بعض الجدران المهترئة التي لفتها بعض النباتات وبعض أشجار التين الذي كانت تشتهر به عائلتنا. كل شيء تغير و لم يعد هناك من يسبقك الى التحية من حقله أو من يدعوك لتناول القهوة التي يتم تحضيرها على النار في منزله. كنت امشي و اتذكر "هنا ركضوا ’ هنا زرعوا ’ هنا حصدوا’ هنا فرحوا وهنا لعبوا " لا أحد منهم هنا يا صديقي ’ كلهم ذهبوا ’ كلهم نزحوا .

ليست هناك تعليقات: