الأربعاء، 16 نوفمبر 2011

حين يضيق صدرك-2--

إنها شاحنة صغيرة لإسعاف السيارات ترجّل منها شاب نحيف تقدم مني و سألني عن مشكلتي. وصفت له ما حدث فأخبرني أن الأمر بسيط و يحتاج فقط الى بعض الماء. كنت أساعده بينما سيطر على فكري  أتعاب الرجل. هل سيطلب مبلغا كبيرا ؟ و أنا لا أحمل معي سوى مبلغ كسوة اﻷطفال للعيد. ضاقت بي اﻷرض بما رحبت بعدما قلت اعتقدت  أن الشابسيطلب مبلغا كبيرا خاصة و نحن في الليل و أتعاب الليل ليست كأتعاب النهار.
- شغّل المحرك الآن و انظر الى مؤشر الحرارة.
- بسيطة ...هو يشتغل
- اضغط على دواسة السرعة 
- فعلت ...c'est bon
- مؤشر الحرارة تعدّى المائة
- مليح...لقد اشتغلت المروحة
- انخفض مؤشر الحرارة 
- ننتظر قليلا...تأكد من عدم صعوده ثانية
- أنه مستقر عند 90
- c'est bon ..يمكنك مواصلة الرحلة اﻵن دون خوف.
- يعطيك الصحة خويا...اشحال حقك؟
- الله يسهل الطريق...انا اشتغل عند الدولة...هي تدفع أتعابي...طريق السلامة و صح عيدكم
- بارك الله فيك...صحة عيدك خويا ...بارك الله فيك.

   أركب سيارتي و أنطلق من جديد. عادت الروح الى زوجتي بعدما انتظرت هجوم العصابات الليلية علينا. اما ابني يوسف فقد طلب مني أن أبيع السيارة في أقرب وقت ممكن و انضم إليه أخوه شهاب في المطالبة ببيع السيارة العجوز. 
- لماذا لا تشتري سيارة من نوع فورد يا أبي؟
- سأفعل يا شهاب...ان شاء الله سأشتري واحدة
.عنده الحق يا أبي ...هذه السيارة أصبحت كثيرة التعطلات.
- اسكت يا يوسف...قال لكم سأشتري سيارة جديدة...يعني سيشتريها ...أليس كذلك يا أبي'
- هو كذلك يا أميمة...في الربيع ان شاء الله .
- سننتظر الى الربيع؟؟...يا أبي لا يمكننا الانتظار.
   التزمُ الصمت و أسرح بعيدا بخيالي... لقد كبر اﻷولاد و كبرت معهم مطالبهم. بعدما كنت محتارا في كسوتهم حيث صاروا لا يرضون بما ليس من الموضة و ليس من الماركات انتقلوا الآن الى السيارات و ماركاتها. أحسست بحرارة ترتفع الى وجنتي و أذناي و زاد تنفسي و أصبح صدري ضيقًا حرجًا كمن يصعد في السماء. نظرت الى مؤشر السرعة فوجدته قد و صل الى 170 كلم /سا فإذا بزوجتي تنبهني الى أننا على وشك الطيران و الارتفاع عن الأرض. 
- سُق بالعقليا رجل ...السيارة تكاد تطير.
- نحن في الطريق السيّار و هو خالٍٍ من السيارات.
- السيارة قديمة و قد تفعلها بنا مرة ثانية. 
- أجل يا أبي انت تسوق بسرعة هائلة ...خفض من السرعة أرجوك يا أبي.  
    استجبت لطلباتهم و خفضت السرعة بعد أن شعرت بانخفاض حرارة جسمي و اختلط عي اﻷمر فرحت أمزج بين مؤشر حرارة المحرك و حرارة جسمي. استغل الجميع الفرصة فذهبوا في نوم عميق بعد أن تركوني قائما أقود سيارتي لوحدي. 
     ما زال الطريق طويلا و مفعول القهوة بدأ ينقص. كثر تثاؤبي فخشيت أن أنام و أتسبب في كارثة فزدت في صوت المذياع و قمت بتبريد وجهي بماء بارد طير النوم من جفني لفترة قصيرة فزدت في صوت المذياع لكن اﻷولاد انتفضوا في وقت واحد  قائلين:'' أولا تتركنا ننام؟ خفّض صوت المذياع هذا ...والله صدعتنا''.


-يتبع-



هناك تعليق واحد:

Unknown يقول...

يستر الله عليكم
باقى الرحلة
بــــاذن الله