لم أشأ أن أوقظها فخفضت صوت المذياع بعد أن رأيت الأولاد في المقعد الخلفي للسيارة و هم يرافقون والدتهم في رحلة الخلود إلى النوم. بدأ الشعور بالنوم يسيطر علي و كثر تثاؤبي بعد أن تجاوزت مدينة العلمة بقليل. خطرت ببالي فكرة و هي الدخول الى مدينة سطيف لأخذ قسط من الراحة و تناول فنجان قهوة. خرجنا من الطريق السيار و دخلنا مدينة سطيف. جبت شوارع المدينة زنقة زنقة فلم أعثر على محل مفتوح حتى وصلت الى مشارف عين الفوارة حيث لاح لي ضوء مقهى فتوقفت و اشتريت بعض الحلويات للأولاد و فنجان قهوة بدون سكّر لي. ركبنا السيارة من جديد و انطلقنا باتجاه الجزائر العاصمة بعد أن جاوزت الساعة الواحدة صباحا. الرشفة الثالثة من تلك القهوة طيّرت النوم من عيني و جعلتني أشعر أن استيقظت منذ قليل فقط بعد أن شبعت نوما. تناول الجميع قطع الحلوى و عادوا الى نومهم بعد أن تغطوا جيدا بسبب البرودة الشديدة التي تميز الهضاب العليا الجزائرية.
صوت المذياع كان رفيقي في طريق موحش غابت فيه حركة السيارات فشعرت و كأني الوحيد الذي سيدخل العاصمة صباح الأربعاء. كنت أقود سيارتي بسرعة 140 كلم في الساعة كعادتي في الطريق السيار و عيني على مؤشر حرارة المحرك الذي بدأ في الصعود باتجاه الخط الأحمر. الساعة الثانية و النصف اشتعل مربع أمامي يامرني بالتوقف STOP. درجة حرارة المحرك بلغت الحد الأقصى. خرجت عن الطريق و أوقفت المحرك مباشرة. الطريق خالية من أية حركة و المكان موحش. نظرت الى وجه زوجتي فوجدتها مذعورة من هول المكان و الموقف. استيقظ الأطفال و نظروا إلي خائفين مذعورين. ترجلت من السيارة و ذهبت الى المحرك متظاهرا أمام الزوجة و الأولاد بأني خبير ميكانيكي رغم أني لا أفهم شيئا في هذا المجال سوى ما علمني مرزوق الميكانيكي في كيفية إضافة الماء الى المحرك. فتحت الغطاء فلم أرى ماء يسيل و لا هم يحزنون. اكفهرّ وجهي و عجزت عن فعل شيئ أما الزوجة و الأولاد فكانوا ينظرون الي نظر المغشي عليه من الموت بسبب وحشة المكان و ظلمته و غياب حركة السيارات. فجأة تتوقف سيارة من الجهة الأخرى للطريق فيصفر وجه زوجتي من الخوف و هي تنظر اليها مستذكرة ما سمعته عن عصابات الطريق السيار.
-يتبع-
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق