نحن الآن على مشارف بومرداس و لافتة الطرق تشير الى أننا اقتربنا من سوق تيجلابين للسيارات. توقفت عن النظر الى ساعة السيارة منذ أمد بعيد مركزا بصري على لوحة القيادة و مؤشر الحرارة فيه. السيارة بخير و تتجاوب مع أوامري بسلاسة عجيبة جعلتني أنسى ما فعلته بي في ذلك المكان الموحش في تلك الظلمة القاتمة.
و في لحظة انتقال عجيبة نسيت الزمان و المكان و انتقلت بخيالي الى عام آخر هو مقبل في أحلام اليقظة الجميلة العطرة كأنني مراهق شاب يرسم أحلامه و طموحاته على رمال شاطئ زيامة المنصورة الخلابة. تخيلت نفسي و انا أقود سيارة غير هذه السيارة و في طريق غير هذه الطريق. الحلم بدا جميلا بعد أن أضفت اليه القليل من شطحات خيالي الجامح . سيارة فورد فوكس لا يزيد عمرها عن الثلاث سنوات كما يود الجزائريون و بكل المواصفات. تخيلت ولدي اﻷصغر شهابا جالسا بجانبي و هو يترجاني كما يفعل دائما أن أدعه يتولّى القيادة كما تطلب منا فورد في إعلاناتها التي تسيل لعاب الحالمين مثلي. تخيلت نفسي وأنا أنظر الى صالون السيارة المريح ممسكا المقود ممرا يدي على أطرافه المطلية بالكروم اللماع. أشعلت اضواء السيارة في لوح القيادة فبدت جذابة كانما هي مركبة فضائية و خاصة امتزاج اللون اﻷحمر مع اللون الأزرق و تقاطعهما. الحلم يزداد تشويقا مع انطلاقنا نحو جنوب الجزائرفي رحلة سياحية ليرى اﻷولاد شساعة بلادهم و قوة سيارة والدهم و متانتها في الطرق الصحراوية. تخيلت نفسي أقود السيارة الجديدة بسرعة فائقة و شهاب ورائي يطالبني على غير عادته بزيادة السرعة ﻷنه يشعر أن السيارة الجديدة تسير ببطء شديد رغم أنها بلغت ال160 كلم في الساعة و نحن بين بسكرة وورقلة. . ضاعفت سرعة السيارة تلبية لطلبه غير أن يوسف انتفض من نومه مفزوعا و هو يقول'' خفّض السرعة يا أبي...هناك طقطقة في الجهة اليمنى للسيارة.شعرت و كأنه خرج من وراء ستار المسرح حيث كنت أشاهد حلمي الجميل لينهي العرض. دست على مكبح السيارة مرغما في حركة سريعة و خرجت من الطريق السريع. الساعة تشير الى الخامسة و النصف صباحا. لقد وصلنا الى مشارف العاصمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق