اليوم العاشر من رمضان حمل الجديد لأهل المنطقة الجنوبية من مدينة الطاهير و أنا منهم. لأول مرة منذ أكثر من 20 سنة تسيل حنفيات المنازل ماءا رقراقا بعد الإفطار. لم أصدق عيني و أذني و أنا الذي يئست من تذوق الماء الشروب من حنفية منزلي كما يئس الكفار من أصحاب القبور. سارعت زوجتي لتشغيل مضخة المياة لملء خزان الماء الذي يزين سطح منزلي و تسبب في شقوق به بسبب ثقله. خرجت أريد المسجد فلفتت نظري المياه المتسربة من تحت أبواب المنازل. الكل يقوم بتنظيف بيته على أنغام المضخة التي لا يكاد يخلو منها بيت. اعتاد الناس على تخزين ماء الحنفية في خزانات معدنية اخذت مكانها على أسطح المنازل مثلما فعلت أطباق التقاط القنوات الفضائية. اليوم و كأنه عيد المياه في هذه المدينة العطشى. و الغريب في الأمر أن مدينة الطاهير التي أنشأها المستعمر الفرنسي عام 1871 تقع بين نهرين و هي تستحق ان تسمى مدينة ما بين الرافدين كما تنام فوق آبار تحتوي على أحتياطات هائلة من المياه الجوفية. أما المنابع الطبيعية فتحيط بالطاهير من كل جانب. و مع ذلك عجزت شركة الجزائرية للمياه أن توفر لنا هذه الثروة الطبيعية و توصلها الى بيوتنا على عكس أبناء عمي محمود الذين استطاعوا أن يسقوا أهل المدينة بمياه الآبار بفضل أربع شاحنات فقط.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق