الأربعاء، 31 أغسطس 2011

بلاتون في رمضان...كريم

اليوم الثامن و العشرون من رمضان مر سريعا كسابقه كعداء يسرع الخطى عند خط الوصول. لن أشعر لا بعطش و لا بجوع و لكني ما زلت أعاني من قلة النوم. الأشغال بغرفة النوم الخاصة بي تقريبا انتهت. هذه الغرفة كانت ملكا لوالدتي رحمها الله حيث كانت تنام فيها مع الأولاد. قررت الإنتقال إليها بعد أن غيرت من هندستها و لون جدرانها. كان القرار صعبا فكل شبر في الغرفة يذكرني بأمي رحمها الله. لا زلت أذكر المكان الذي كانت تصلي فيه و المكان الذي كانت تنام فيه و السبحة بيدها. كانت حريصة أن ينام الأولاد معها حتى تغطيهم إن تعروا. ترددت كثيرا في الإنتقال إلى هذه الغرفة ولكني تشجعت و ها أنذا أنتقل إلى الغرفة التي آوت أغلى إنسانة عرفتها في حياتي.  ورغم رائحة الطلاء القاسية لا زلت أستطيع استحضار عبق أمي و أميزه من بين ألف رائحة.
"لافتة أو أفيش الفيلم و عبارته الشهيرة " أول جرحى الحرب هي البراءة
      استيقظت كعادتي قبل صلاة الظهر بقليل فأديت الصلاة وبصعوبة أقنعت ابني شهاب الدين أن يتخلى عن اللعب على الحاسوب و يترك لي مكانه.كعادتي أتجه مباشرة إلى المواقع الإخبارية فأبدأ بموقع العريىة و الجزيرة ثم  الجريدة الفرنسية le monde  ثم  msnbc  الموقع الإخباري الأمريكي ثم موقع جريدة haaretz الاسرائيلية. أما المواقع الجزائرية فلا أطالع إلا الخبر و أحيانا جريدة الشروق و لكني أطالعهما فقط قبل النوم لأني أخاف أن أقضي يوما أسودا إن قرأتها في الصباح. الأخبار الجزائرية في الصباح لا تبشر بالخير في غالب الأحيان. انتقل بعدها الى الفايس بوك لأرد على رسائل الأصدقاء و أتبادل معهم الجديد في ميدان الأخبار و التعاليق و الصور.
       أما مالفت انتباهي هذا اليوم هو مشاركة من أحد الأصدقاء الأردنيين (و أجدهم الأنشط على الفايس بوك) تتحدث عن ثقافة الهزيمة التي يشترك فيها العرب جميعا من المحيط الى الخليج. هذه المشاركة دفعتني الى مراجعة الصور التي شاهدتها على التلفزيون و الانترنت ل"ثوار " ليبيا و هم يرفعون شعار "النصر" بأيديهم في طرابلس و يحتفلون في بنغازي و غيرها من المدن "المحررة" . قلت في نفسي عن أي نصر يتحدثون و هم يقتلون بعضهم بعضا يذبّحون و ينهشون لحم بعض و هم إخوة الدين و الوطن؟ عن أي نصر يتحدثون و طائرات أعداء الأمس تقصف ما بناه الليبيون و شروه بالغالي و الثمين. لماذا أصر القذافي على عدم ترك منصبه وقد اعطي الأمان هو و عائلته منذ شهور خلت فأصبح الآن مطاردا مهانا يختبئ كالجرذان في جحور ليبيا؟ لماذا ينتقم الليبيون من الجزائريين العزل و يعادون جارا قويا يقاسمهم الجوار و الدين و العرق و التاريخ؟
     ذكّرني ذلك بفيلم أمريكي شهير عن حرب الفييتنام و سبق لي ان شاهدته مرات و مرات لأنه يعتبر أصدق فيلم يصور أسباب الهزيمة الأمريكية في فييتنام. الفيلم بعنوان "Platoon"  و معناه الكتيبة التي تتكبد الخسائر في الحرب. و كعادة المخرج أوليفر ستون فقد أبدع في إخراج الفيلم الذي صور في الفلبين عام 1987. و من شدة حرصه على إتقان العمل الفني أخضع المخرج أبطال الفيلم الى تدريبات عسكرية شاقة  تضمنت نفس المشاهد التي يمثلونها في الفيلم. و مما زاد في نجاح الفيلم هو أن المخرج شارك بنفسه في حرب الفييتنام كمتطوع فكان الفيلم عبارة عن شهادة حية لها. تتعرض الكتيبة الأمريكية الى هزائم متكررة نتيجة للصراعات الداخلية الموجودة بين أفرادها المنقسمين بين جنود حريصين على قهر العدو الفييتنامي بكل الوسائل المشروعة و غير المشروعة و بين جنود رحماء يحاولون كبح جماح بطش زملائهم. يخسر الطرفان في النهاية بعد أن تقضي عليهم الصراعات الداخلية و إصرار العدو الفيتنامي فلم يبق  في النهاية سوى جندي واحد يستطيع النجاة بنفسه ليقول لنا في آخر الفيلم جملة جد معبرة "Nous étions battus par nous même" أي" نحن هزمنا أنفسنا بأنفسنا". و فعلا لو كان المخرج عربيا مسلما و تحدث عن هزائم المسلمين منذ معركة أُحد لقال أن هزائمنا دائما كانت بسبب مشاكل داخلية و ليس بسبب قوة الأعداء.

ليست هناك تعليقات: