اليوم الخامس و العشرون من رمضان. يوم حار لكنه مر سريعا و كأن رمضان يستعجل بالرحيل. سهرت حتى السابعة صباحا بعد عودتي من صلاة الصبح. تذكرت ان علي أن أدون ما فعلت فشغلت الحاسوب لكن مطالعتي لكتاب مالك بن نبي "مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي" جعلتني أصرف النظرعن فكرة التدوين و مطالعة الكتاب من جديد بعد أن سبق لي قراءته بالفرنسية عام 1990 ثم بالعربية عام 1995. و أول ما يبدأ به المفكر الجزائري العظيم إجراء مقارنة بسيطة بين تفكير الانسان المسلم و تفكير الانسان الغربي. و قد استعمل المفكر كمثال لكليهما روايتان شهيرتان الولي بعنوان "حي بن يقظان" للفيلسوف المسلم ابن طفيل و الرواية الثانية "روبنسون كروزو" للكاتب الانجليزي دانيال ديفو. الروايتان جديرتان بالقراءة فأسلوبهما شيق و قد سبق لي قراءتهما و استمتعت بإعادة قراءتهما مرات و مرات. أما مالك بن نبي فقد نبهنافي كتابه ذلك الى الفرق الجوهري بين تفكير الانسان الأوربي المادي فروبنسون كروزو الذي عاش معزولا في جزيرة نائية بعد أن غرقت سفينته دون كل ما كان يفعله في دفتر يومي و قد انصبت اهتماماته كلها على كيفية البقاء حيا على الجزيرة و توفير كل وسائل العش و الراحة فقام ببناء منزل من الوسائل المتوفرة امامه ثم قام بتأثيثه ثم أنشاء بستانا يقتات منه كما اخترع وسائل الصيد و حماية نفسه. هذا هو الانسان الأوروبي أما حي بن يقظان فقد قضى حياته على الجزيرة يتساءل عن الموت و الحياة و الوجود و البعث الروح و الجسد حتى يصل الى الحقيقة في النهاية و هي وجود إله يسير ذلك كله.
لكن ما نسي مالك بن نبي أنيقوله في كتابه هو أن دانيال ديفو اقتبس قصة روبنسون كروزو من قصة حي بن يقظان لابن طفيل حينما زار الاندلس فوجد الناس تتحدث عن حي بن يقظان و قصته العجيبة فرجع الى انجلترا و ألف رواية روبنسون التي لاقت رواجا كبيرا. كان ذلك في الماضي فماذا عن الحاضر؟ماذا لو قمنا بمقارنة بسيطة بين نمط تفكير المسلمين و نمط تفكير الغربيين حاليا ماذا سنجد يا ترى؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق