الخميس، 25 أغسطس 2011

الفضيل و العميان في رمضان...كريم

غلاف الفيلم الذي يحكي قصة العميان 
   اليوم الرابع و العشرون من رمضان مر بسلام لولا بعض العياء لقلة النوم. فقد أيقظني البناء على الساعة التاسعة بعد ان كان قد وعدني بأنه سيأتي على الواحدة و النصف. أقتراب موعد العيد جعلني أرضخ للأمر الواقع فأخذت سيارتي و ذهبت لإحضار كيس رمل. قضيت اليوم معه نتبالدل أطراف الحديث. الرجل لديه 7 أبناء و هو يشتغل كحرفي بناء. أمي لا يعرف القراءة و الكتابة و مع ذلك فكل أولاده تخرجوا من الجامعة و لم يفشل أحد منهم. عرفت السر بعد أن تابعت طرقة عمله. أنه حريص كل الحرص على إتقان عمله  و تنظيف المكان بعد الإنتهاء من العمل. شكرته على صدقه و دفعت له أجرته و تمنيت له صياما مقبولا و ماإن خرج حتى قفزت للسرير و شغلت التلفاز لأشاهد برنامجا لم أختره و لكنه اختارني.  و رغم أنه سبق لي و أن شاهدته من قبل لكنه شدني أكثر من ذي قبل. البرنامج يحكي قصة مجموعة من العميان قررت تسلق أعلى قمة جبل في العالم . قمة السلام الأبدي أو Mount Everest  بجبال الهمالايا. البرنامج صور كل شيء من بداية الفكرة الى تحويلها الى حقيقة. كيف جمعوا العميان و أقنعوهم بالمغامرة ثم التخطيط للرحلة ثم جمع الأموال ثم التدريب فالتنفيذ. الغامرة يصعب تصديقها لولا أن الكاميرا كانت هناك و صورتهم من لحظة الانطلاق الى لحظة صعود القمة. 
      الارادة التي تحلى بها هؤلاء العميان ذكرتني بسيرة شاب يسكن بحيّنا إسمه فضيل. هو لم يبلغ الثلاثينات بعد و لكنه و لد معوقا حركيا فنشأ لا يستطيع المشي بسهولة. الإعاقة حرمت المسكين من مزاولة تعليمه و لكنها لم تحرمه من  التعلق بدينه. الفضيل هذا يكسب قوت يومه بنفسه و لم يعوّل أبدا على أموال إخوته فكلهم يعملون  و حالتهم ميسورة ولله الحمد و المنه. افتتح الفضيل كشكا لبيع كل أنواع السجائر فكان يكسب و يوفر منه الشيء الكثير و مع ذلك غلقه لما أُفتي أن بيع التبغ و الدخان حرام. تخلى الفضيل عن بيع ماهو محرّم  و اتجه الى بيع الفول السوداني الذي يقوم بشرائه كل يوم بعد الخروج من صلاة العشاء في المسجد ثم يقوم بتحضيره بنفسه في المنزل و يعود ليجلس  امام طاولته خارج مقهى حيه. فضيل هذا لا يفرط في صلاته بالمسجد مهما كان الأمر صيفا أو شتاء بردا أو حرا ماطرا أو صحوا. كل فجر يستبق فضيل الآذان بعد أن يكون قد أوصى أحد شبان الحي ليدفع كرسيه المتحرك. يخرج الفضيل على عكازيه و يقف في انتظار مرافقه فإذا ما رآه دخل و دفع الكرسي  ثم يجلس و يذهب مبتسما الى المسجد ليؤدي صلاة الصبح جماعة  و يعود الى بيته مبتسما كعادته فالابتسامة لا تفارق محياه إلا في حالة واحدة:   خسارة فريقه المفضل ريال مدريد. أنه يحب الفريق الملكي الى درجة لا توصف و قد مر عليه حين من الدهر بكي لخسارته بكاء شديدا. إنه يحب الفريق الملكي حبا لا يوصف فإذا ماخسر فريقه رفض تناول العشاء ونام مغاضبا حتي إذا استيقظ لصلاة الصبح استيقظ باسما وضاحا كعادته. عرفت أخواته بالأمر فأصبحن يحضرن له الطعام قبل أن يخرج لمشاهدة مقابلات الريال فالخسارة تعني أن فضيل سيبيت جوعانا و من ذا الذي يقبل أن يبيت فضيل المسجد جوعانا غاضبا؟
صلاة الفجر صلاة الفجر جماعة     قصة العميان الذين صعدوا أعلى قمة جبل في العالم و قصة الفضيل الذي يتحدى إعاقته كل صبح هي دعوة لكل واحد منا للبحث بداخله عن شيء إسمه الإرادة التي لا تعرف المستحيل. نحن سالمون معافون فلماذا نتأخر عن صلاة الصبح مثلا؟.(يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ(42)خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ(43) القلم :9

ليست هناك تعليقات: