الاثنين، 8 أغسطس 2011

ابن اليابان و العرب في رمضان ...كريم

اليوم السابع من رمضان قضيته في  قراءة كتاب شيق عنوانه " العرب...وجهة نظر يابانية " لمؤلفه نوبوأكي نوتوهارا. يقع الكتاب في 140 صفحة و طبعا قمت بتحميله من الانترنت و أعتذر هنا من الكاتب  و دار النشر لأن الكتاب غير متوفر في أسواقنا فرفوف مكتباتنا أصبحت تضيق بمثل هكذا كتاب طالما أن كتب الطبخ و حوليات البكالوريا تسيطر عليها. الكاتب ياباني يدرس اللغة العربية بجامعة طوكيو و هو يتكلمها و يكتب بها أحسن من أهلها. وللمؤلف كتاب سابق تم نشرة باللغة اليابانية بعنوان " اين المصريون " .
      يمكن ادراج موضوعات الكتاب تحت اربعة عناوين رئيسة مع ان المعالجة والنصوص متداخلة معا . وهذة الموضوعات هي : الشخصية العربية والصحراء والادب العربي والمقارنة بين الثقافة الشنتوية اليابانية والثقافة العربية كمنظومة قيم متكاملة.
    كنت أتوقع قبل قراءة الكتاب أن هذا الياباني سيملأ صفحات الكتاب مدحا و تبجيلا للعرب و ثقافتهم فإذا به يصدمني بملاحظاته و آرائه الناقدة لقيم اجتماعية وسياسية مختلة تقف حجر عثرة في تقدمنا. ليس هذا فقط بل ما زادني ألما ان ملاحظاته هذه نقلها بعد معايشته و رأيه رأي العين للواقع العربي لمدة أربعين سنة. و مع ذلك فهو لا يسخر منا و لا يشتمنا كما فعل المستشرقون من قبله بل يعبر عن اعتزازه بمعرفة لغتنا و ثقافتنا بل و يقول في كتابه "" باختصار أريد ان أقول للقاريء العربي رأيا في بعض مسائله كما أراها من الخارج كأي أجنبي عاش في البلدان العربية وقرأ الادب العربي وأهتم بالحياة اليومية في المدينة والريف والبادية".
      يرصد المؤلف نوبوأكي بحب واخلاص أطياف الحياة اليومية العربية المعاشة من خلال رحلاته الى العديد من الدول والصحارى العربية وبذلك يقدم صورة واضحه وكبيرة يسهل رؤيتها للعربي المتخصص والعادي ومقارنتها بحالات يابانية . وقد خط المؤلف كتابه باللغة العربية " السؤال الذي اقلقني لماذا أرى من واجبي ان أكتب باللغة العربية مباشرة وللقاريء العربي ؟ وانا اعرف سلفا كم سترهقني الكتابة بالعربية ".
      يشخص نوبوأكي السمة الظاهرة التي تميز المجتمع العربي وهي " غياب العدالة الاجتماعية " فكل شيء ممكن لان القانون لا يحمي الناس من الظلم سواء ظلم الحاكم ضد الرعية او ظلم الافراد لبعضهم بعضا. ينجم ايضا عن فقدان العدالة الاجتماعية غياب الديمقراطية وحقوق الانسان وحرية المواطن وسيادة القانون التي يتشدق بلفظها العربي لكنها مفرغة حقيقه من محتواها واهمها كلمة الحرية . " عندنا في اليابان نقول عندما لا نستطيع ان نتكلم بحرية : عندما افتح فمي فان هواء الخريف ينقل البرد الى شفتي . والعربي عندما لا يستطيع ان يصرح بما في نفسه عليه ان يقول تحت لساني جمرة ".
  سرد الكاتب نماذج سلبية يمارسها العربي نتيجة شعوره بالقمع منها:-


      ظاهرة تخريب الممتلكات العامه حيث يقرن المواطن العربي لا شعوريا بين السلطة القمعية والممتلكات العامه فينتقم من السلطة سلبيا بتخريب الممتكات العامة . بذلك يدمر وطنه ومجتمعه بدل ان يدمر السلطة .

    عدم تعاملنا باحترام تجاه بعضنا او تجاه الاخرين . ويتساءل الكاتب متعجبا " انا لا افهم ماذا يخسر اولئك عندما يعاملون الناس باحترام او ماذا يكسبون عندما يعاملون بطريقة سيئة ".

    حتى ان الكاتب يتأثر بظاهرة القمع المنتشرة في العالم العربي فلا يذكر أسماء الأشخاص أو أسماء الأماكن وذلك ان الحوادث تتكرر معه بصورة متقاربة في اغلب الدول العربية .وللحفاظ أيضا على استمرار علاقته مع العالم العربي فهو يخاف أن يمنع من دخول البلاد العربية ، وأخيرا فهو يخاف على اصدقائه في العالم العربي .

    يفهم الكاتب العنصرية " انها سلوك متعال ومتغطرس " والمجمتع العربي مورست    عليه العنصرية وفي نفس الوقت يمارسها داخليا ضد نفسه بعدم احترامه لكرامة الفرد . لا نستطيع ان نتخلص من العنصرية لكن نستطيع ان نخفضها الى الحدود الدنيا .


   ختاما يعبر الكاتب عن حبه تجاه العرب بقوله " هل علي أن أقدم بكلام عاطفي عن محبتي للثقافة العربية؟ لقد أعطيتها عمري كله ، وجهودي وعملي وهذا برأيي أرفع تقدير وأكبر محبة ".
   فرغت من قراءة الكتاب و أخذت ابني شهاب الى البحر لعله ينسيني الشعور بالاحباط الذي أحسسته بعد قراءة الكتاب. لقد تذكرت خواطر أحمد الشقيري عن اليابان فزادني هما و حسرة . نحن نصلي في رمضان ما مقداره 28 ركعة في اليوم  نقرأ فيها  سورة الفاتحة 28 مرة أي 840 مرة في رمضان نقرأ فيها  قوله تعالى "اهدنا السراط المستقيم " فما اهتدينا.





ليست هناك تعليقات: