لليوم الثالث على التوالي يتواصل إضراب المدرسين عن التدريس عبر كامل التراب الوطني. لو حدث مثل هذا اﻷمر في دولة تحترم نفسها ﻷعلنت الدولة حالة الطوارئ و التعبئة العامة. أما في بلادي الجزائر فالشعب و حكومته نائمان في العسل. لا أحد يبالي بما يحدث.الإضراب عن التدريس في الدول المحترمة تعني أن يذهب التلاميذ و مدرسوهم الى المدرسة مع امتناع المدرسين عن تقديم المقرر من البرنامج. أما عندنا فيعني الإضراب مقاطعة المدرسة نهائيا و عدم العودة إليها حتى تعلن النقابات العودة. المدهش و الغريب في اﻷمر أن التلاميذ فرحوا بهذا الإضراب أكثر مما فرح به الأساتذة المدرّسون بل اعتبروه عطلة لا تعوض و لا تتكرر. أما أولياء التلاميذ لا أحد منهم يبالي بما يحدث و أكثر كلمة سمعتها تخرج من أفواههم هي'' زادو لكم فما الذي تريدونه؟''. لا أحد سألني عن كيفية تعويض أيام الإضراب للتلاميذ و دفعهم لمراجعة دروسهم التي لم يتلقوها بسبب الإضراب. المسألة خطيرة و الأمر بحاجة الى دراسة معمقة. 8 ملايين تلميذ موجودة إما في البيت أو في الشارع بدون شغل و لا مشغلة و معهم نصف مليون موظف -عدد سكان تونس- في إضراب عن عمل مقدس يتقاضون مقابله أجرا زهيدا تهان كرامتهم ألف مرة في اليوم. و مع ذلك أصبح الكل ينظر إليهم نظرة مريبة. لم يعد المعلم ذلك '' الشيخ'' الوقور الذي يغير التلاميذ طريقهم إذا ما رأوه قادما. لقد أصبح هذا '' الشيخ'' مجرد موظف مثل غيره يقدم بضاعة يقبض ثمنها '' كاش''. و أخشى ما أخشى أن يأتي علينا يوم نحيد فيه المدرسة و المربي كما حيدنا في سنوات الدم التي مرت بنا دور الإمام و المسجد فانتشر الإرهاب و القتل باسم الدين.
إننا نسير في الطريق نفسه و النتيجة تتشابه مع سابقتها. تحييد دور المدرسة و المربي سوف ينتج جيلا مجرما لا يضبطه عقل و لا وجدان. أﻷرقام التي تتحدث عنها الجرائد يوميا تتحدث عن نفسها و الإجرام ينتشر بشكل فظيع. و لا أعلم ما الذي يفعله وزير القطاع و النار تشتعل في بيته. الرجل الذي لا نعلم بأي صفة يسير قطاعا حساسا مثل التربية فهو خريج جامعة روسية تخصص ميكانيك لم ينتج و لو بحثا واحدا في علوم التربية أو البيداغوجيا ظل مسؤولا عن قطاع دامت احتجاجاته 7 سنوات و لم تنته. الإصلاح الذي دعا إليه و طبقه هذا الرجل لم ينتج سوى تلاميذ أغلبهم لا يتمكن من صياغة جملة مفيدة صحيحة بلغته اﻷم فما بالك باللغتين الفرنسية و الانجليزية؟ إنهم عاجزون عن الحديث في الدين أو التاريخ أو الأدب و جل ما يعرفونه هو أسماء لاعبي الريال و برشلونة و مطربي اﻷعراس و غرف الدردشة في الفيس بوك. و شخصيا لم أفهم من تلك الإصلاحات سوى أنها سعيا من السلطة لتطبيق توصيات القوى الكبرى'' لإصلاح'' و تغيير مناهج التعليم في البلاد العربية كان الغرض منها تجفيف منابع التدين الإسلامي. فقد تم حذف شعبة بأكملها من التعليم هي شعبة العلوم الشرعية و تم تغيير دروس العلوم الاسلامية ليتلقى التلميذ بدلا من ذلك دروسا في فن الذكر و الصحة الفكرية و العدل بين الإخوة و التعدد السكاني.
أتوقف هنا ﻷني و أنا أطالع جريدة الشروق التي سوف تصدر غدا و جدت مقالا يصب في نفس الاتجاه فكفاني شر المواصلة و الله المستعان. 
هناك تعليق واحد:
السلام عليكم
مررت سريعا على بعض عناوين ومحتويات مدونتك فأعجبتني واتمنى ان تتاح لي الفرصة لتكرار المرور اكثر واكثر وبالتوفيق ان شاء الله
اخوك سعد /جده
http://khatawatt.blogspot.com/2011/10/blog-post.html
إرسال تعليق