اليوم الثالث عشر من رمضان عاد بنا الى الوراء الى أيام الحر و العطش الشديد. يبدو انها بداية ما كان يعرف عند أجدادنا ب"الغشات" و هي الفترة المتبقية من شهر أوت تتميز بالحر الشديدحتى أن فيها ينضج الرمان تتبعها "غسالة النوادر" و هي الفترة التي تتميز بهبوب الريح و هطول أمطار الخريف التي تغسل ما علق بنوادر الحصاد و الدرس. سهرت حت طلوع النهار و لم أذهب الى الفراش حتى الساعة السابعة صباحا. فبعد عودتي من صلاة الصبح أخذت مكانا أمام الحاسوب و غرقت في قراءة ما كتب عن حياة أحد عظماء التاريخ الأمريكي بنيامين Benjamin Franklin فهو أحد كتاب إعلان استقلال الولايات المتحدة الأمريكية و أول سفير لها في فرنسا. ومن يقرأ حياة الرجل سيغرق لا محالة في دهشة لا متناهية. قرأت عن الكثير من العظماء اما ان تجتمع قدرات و مهارات الكتابة و التأليف و السياسة و الموسيقى و الفيزياء و الدبلوماسية و الاختراع فقلما أو نادرا ما قرأت عن شخص تجتمع فيه كل تلك القدرات و المهارات و المواهب. من أين له الوقت ليفعل كل ذلك؟كيف استطاع أن يجمع بينها في حياة واحدة؟ من يقرأ سيرة فرانكلين سوف يعرف أن سر نبوغ هذا الرجل العظيم يكمن في النظام. لقد خطط الرجل حياته بشكل خارق للعادة و إني لأتعجب لماذا لا تدرس سيرته في مدارسنا لنتعلم منه. اطلعت على نموذج لبرنامجه اليومي فازددت اعجابا بالرجل حتى أنه خيل إلي أن الرجل كان مسلما في حياته دون ان نعلم.
يبدأ فرانكلين يومه على الساعة الخامسة و أول شيئ يقوم به هو طرح السؤال التالي"أي خير سأفعله اليوم؟"What good shall I do this day?" من الخامسة الى الثامنة يغتسل و يصلي ثم يدرس عمل اليوم و يتخذ القرارت المناسبة ثم يتناول الافطار. من الثامنة الى الحادية عشرة عمل. و من منتصف النهار الى الثانية بعد الظهر مطالعة ثم مراجعة الحسابات ثم الغداء. يعمل بعدها من الثانية حتى الساعة الخامسة. من الخامسة الى التاسعة يخصصها لوضع الأشياء في مكانها أي ترتيبها ثم يتناول العشاء ثم وقت للموسيقى ثم حديث او حوار مع العائلة ثم مراجعة لأعمال اليوم قبل ان ينام على الساعة العاشرة بعد أن يطرح السؤال التالي" أي خير فعلته اليوم؟" استمر فرانكلين على هذه الحال حتى آخر أيام حياته.
المثير للأعجاب أيضا في سيرة هذا الرجل العظيم هو وصاياه التي تركها للناس قبل موته و هي 13 . من يقرأها يشعر أن الرجل أخذها من ديننا الاسلامي الحنيف و هاهي بعضها.
1. Eat not to Dulness .لا تأكل حتى التخمة. و الحديث يقول " نحن قوم لا نأكل حتى نجوع و إذا أكلنا فلا نشبع"
2. Speak not but may benefit others or yourself. أي لاتقل الا ما ينفعك و ينفع غيرك. "الصمت حكمة و قليل فاعله"
3. Lose no Time. Be always employed in something useful. Cut off all unnecessary Actions. لا تضيع وقتك و اغتنم خمسا قبل خمس...
عاش الرجل 84 سنة لم يضيع منها الشيء الكثير بل اغتنم كل لحظة و ترك للأمريكيين تراثا سيطروا و ما زالوا يسيطرون به على العالم. رحم الله الإمام محمد الغزالي (أديب الدعوة) الذي كان غالبا ماينفجر بكاء لأنه كان يشعر أن وقته لا يكفيه. يبكي على انعدام الوقت. أما نحن؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق