الأربعاء، 28 يوليو 2021

الفرشيطة و اللقاح

  


   انتظرت أن تخف حرارة الجو قليلا و خرجت اتبضع من شارع المجاهدين بمدينتي. ما زالت الشمس تلفح وجوهنا بحرارتها بينما تكفلت الرطوبة بالباقي. اختفت حركة السيارات بالشارع حيث أقيم على غير عادتها في هذا الوقت. لم يتطلب الأمر وقتا كثيرا كي يبدأ جسمي في التصبب عرقا رغم الحمام البارد الذي أخذته قبل الخروج من البيت.

     قطعت شارع المجاهدين أريد  الصيدلية  فلاحظت غياب المارة الذين من عادتهم ملء هذا الشارع التجاري الشهير في مدينة الطاهير جيءة  و ذهابا.. الطريق المؤدية الى وسط المدينة بدت و كأنها تعيش حظرا للتجوال ما عدا بعض المتسوقات اللواتي حرصن على ارتداء الكمامات خوفا من الوباء اللعين. ألقيت السلام على أحد أصحاب المحلات الذي لاحظت خروجه و دخوله المتكرر إلى محله و هو ينظر يمنة و يسرة كأنه يتأكد إن كانت الحركة غائبة فعلا في هذا الشارع.

- و عليكم السلام..صحيت الشيخ

- واش الحالة ؟ لاباس؟

- و الله ما تشكر يالشيخ. هي خالية من بكري و زادت اليوم .

- ربي يجيب الخير...المهم الصحة برك. اليوم هواول أيام الحجر الله المستعان. 

-اللهم آمين.

    أسرعت الخطى حتى لا أسمح له بفتح موضوع آخر فالرجل أعرفه كثير الكلام يهرف بما لا يعرف ويهذي بما لا يدري. دخلت الصيدلية ألقيت السلام و طلبت كمامة. اسرعت الصيدلية في توفيرها شعرتُ وهي تخبرني بسعرها أنها تستعجلني للخروج من الصيدلية. أسرعت بمسح القطعتين النقديتين بقطعة قماش مبللة قبل ان تضعهما في صندوق المحل.

    ارتديت الكمامة خارج الصيدلية و توجهت إلى البقالة حيث اعتدت التبضع. كنت أعتقد أن المحل على غرار الصيدلية اتخذ كل التدابير الاحترازية لكن هيهات. لم يكن البائع يضع الكمامات و لم يكن هناك لا سائل مطهر و لا قطعة القماش التي تستعمل في تطهير النقود. اشتريت ما خرجت من أجله و دفعت ثمنه و قبل أن أخرج عالجني البائع بسؤال عن الوضعية الصحية:

- كيفاش تشوف الحالة ياشيخ؟

- الله المستعان. ربي يستر من اللي جاي..أرانا على غير استعداد لهذه الموجة.

- ما دام الوفيات ماكانش بزاف...ما نخافوش. 

- ربي يقدر الخير...الله يعاونك.

- مع السلامة الشيخ.

     قطعت الطريق أريد شاحنة تبيع الدلاع. قلت في نفسي في هذا اليوم ذي الحر االشديد ما ينفعنا سوى دلاعة حمراء قانية تخرجها باردة  من الثلاجة و تلتهمها مباشرة بعد العشاء. كنت بصدد إلقاء التحية لما رأيت البائع الشاب يعطس العطسة تلو الأخرى دون أن يستعمل كوعه في ذلك.مسح يده المبللة في سواله و نظر إلي وكأنه كان يعرف نيتي قبل عطساته. انحرفت يسارا و تجاهلته قبل أن يوقفني احد أصدقائي.

- صحيت الشيخ احسن. ما راكش تبان.

- اهلا صديقي..كيف الأحوال؟

- الحمد لله. راك محصن يا صاحبي. الكمامة حسب المعايير.

- واجب صديقي. هكذا و ما نعرف.

- الحالات تتزايد.ربي يستر. الواحد يجب أن يتخذ احتياطاته. حتى الأوكسيجين و قطعوه.

-واش ؟ ما درتش اللقاح؟

- هههه...عن أي لقاح تتكلم؟ مهبول نديرلقاح يصبح جسمي مغناطيسي. 

- واش حكاية المغناطيس هذه...والله ما سمعت بها.

- انت ما راكش عايش. يقولون أن من أخذ اللقاح أصبح جسمه مغناطيسيا. يعني تضع فرشيطة -شوكة- على موضع الحقنة تلصق.

- آو..وقتاش هذه؟ هذه أول مرة أسمع بهذا الأمر. دعني أذهب.لدي أمر مستعجل. 

      ودعت صديقي و أنا أضرب أخماسا في أسداس على ما سمعته. كيف لي بعد الأن أن أدخل إلى محلات الأواني المنزلية؟ ماذا سأفعل بمواعين المطبخ  الحديدية في بيتي؟ 

ليست هناك تعليقات: