الخميس، 3 مايو 2012

أنا أفضل؟

    جمعني حديث مؤخرا بصديقي الطيب و ياسين حول الجهوية او العنصرية في جيجل. الموضوع أثاره الطيب بعد أن استفزه مديره المباشر. هذا  المدير القادم من العاصمة و الذي لا يبرح مجالسنا نحن القادمين من اعالي جبال الطاهير و بالضبط من قبيلة بني عافر استفز سيدة زميلة لهما بعد ان سألها عن سبب غضب شباب بني عافر منه و شكواهم منه إلى الوالي. السيدة آلمها كلام المدير و توصيفه لشباب قادمين من الشحنة بأنهم من قبيلة بني عافر و ردّت عليه ردا جارحا.  طبعا كل من يأتي لهذه الولاية يعرف تقريبا كل قبائل و أعراش الولاية الريفية التي يعتبر معظم سكانها ريفيون او ذوي ثقافة ريفية. أعتقد أن الموضوع أخذ أبعادا أخرى و يجب مناقشته نقاشا موضوعيا. 
  
   في البداية ينبغي القول أن العنصرية شيئ ذميم نهت عنه كل الأعراف و كل النظم الحديثة بعد ان كان  الإسلام الحنيف أول من نهى عنها  من خلال قوله صلى الله عليه و سلم" كلكم لآدم و آدم من تراب لا فرق لعربي على أعجمي إلا بالتقوى." و "المسلم أخ المسلم". طبعا من يرفض هذه  الأحاديث و لا يتعامل بها يعتبر رافضا لسنة نبيه الكريم صلى الله عليه و سلم. و"من رغب عن سنتي فليس مني". و حتى الرسول صلى الله عليه و سلم عانى أشد المعاناة من عنصرية قريش و احتقارهم له خاصة من بني أمية الذين استكثروا على بني هاشم ان يكون من منهم نبي. و السبب في ذلك أنهم كانوا ذوي أموال و تجارة فيما كان بنو هاشم فقراء و بسطاء. ومما زاد في احتقار قريش للنبي و عشيرته هو ان الذين اتبعوه كانوا حسب رأي أكابر قريش أراذل القوم. استطاع  الرسول صلى الله عليه و سلم أن ينزع تلك الأحقاد من صدور قومه ووحّدهم تحت راية الإسلام فجمع تحت لوائه سلمان الفارسي و صهيب الرومي مع بلال الحبشي و أبي ذر الغفاري.
   عودة إلى الطاهير و عنصرية بعض أهلها. و هنا أعتقد ان كل من يمارس العنصرية شخص مفلس إما فكريا أو ثقافيا أو أن دائرته الإجتماعية ضيقة جدا. فلو بحثت في سيرته تجد أنه هذا المخلوق لم يغادر هذه المدينة إطلاقا. لأنه إذا ذهب إلى جيجل سيعامل على انه غريب عن جيجل حتى و لو كان من أكابر الطاهير. اما إذا ذهب شرقا إلى قسنطينة مثلا فسوف يعامل على انه جيجلي دواري ريفي . اما إذا تطور و اخترق جدار العاصمة فسيعامل على انه بلدي ريفي كافي(Kavi). أما إذا ذهب الى الصحراء فسيعامل على انه شناوي مافيوي قادم من الشمال. أما إذا ذهب الى تيزي وزو عاصمة القبائل فسيعامل على انه عربي مخادع .فإذا ما ذهب صاحبنا هذا إلى فرنسا مثلا فسوف يعامل على انه عربي قذرمحتال.اما في تونس فسيعامل على انه جزائري ساذج و في ليبيا مرتزق جزائري و في مصر بربري همج و في السعودية فرنسي متهور. فأين المفر؟
          الحل في نظر صديقي الطيب و ياسين هو ان ترد الاساءة بالإساءة و تقمع كل من يتطاول على قبيلتك محتقرا. أما انا فتعلمت من عملي انه : 
لو أن كل كلب عوى ألقمته حجرا    .................لأصبح الحجر مثقالا بدينار. 
فأنا لا أشعر بالحرج من أن يذكرني شخص ما بأصولي العرقية طالما ان لي أباء و أجداد أفتخر بهم  و بما فعلوه من أجلي. أعتبر نفسي شخصا سويًا يحترمه أغلب الناس و لا شان لي بمن هو أحقر مني. و لو فكرت مثل هذا الحقير سأفقد احترامي. أنا أمارس مهنة التدريس و تلاميذي من مختلف الأعراش و الجهات و لم أفكر يوما ما  في تفضيل هذا على ذاك. أعتقد ان العيش بسلام و في وئام لا يتطلب شيئا كبيرا غير احترام الآخر وتوقيره لأنه قد يكون الإمام الذي تصلي وراءه و التاجر الذي تتبضع عنده و الطبيب الذي تداوي عنده و الشرطي الذي تشتكي له و المعلم الذي تدرس عنده. ما رأيكم؟

هناك تعليق واحد: